السُّكْنَى وَاللُّبْسِ وَالزِّرَاعَةِ وَأَمْثَالِهَا، فَكَانَ هَذَا تَمْلِيكَ الْمَنْفَعَةِ بِلاَ عِوَضٍ وَهُوَ تَفْسِيرُ الإِْعَارَةِ.
وَيَجْرِي مَجْرَاهُ مَنْحُ الشَّاةِ الْحَلُوبِ وَالْبَقَرَةِ الْحَلُوبِ وَالنَّاقَةِ الْحَلُوبِ؛ لأَِنَّ اللَّبَنَ وَإِنْ كَانَ عَيْنًا لَكِنَّهُ مَعْدُودٌ مِنَ الْمَنَافِعِ عُرْفًا وَعَادَةً.
وَمِثْلُهُ لَوْ قَال: أَطْعَمْتُكَ هَذِهِ الأَْرْضَ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ زِرَاعَتُهَا وَهِيَ مَنْفَعَتُهَا.
وَأَمَّا إِنْ كَانَ الشَّيْءُ مِمَّا لاَ يُمْكِنُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ إِلاَّ بِاسْتِهْلاَكِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ هِبَةً، كَالْمَأْكُول وَالْمَشْرُوبِ وَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، كَقَوْلِهِ: هَذَا الطَّعَامُ لَكَ مِنْحَةٌ، أَوْ هَذَا اللَّبَنُ أَوْ هَذِهِ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ، فَكُل هَذَا لاَ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى هِبَةِ الْمَنْفَعَةِ، فَيُحْمَل عَلَى هِبَةِ الْعَيْنِ (?) .
هَذَا، وَتَصِحُّ الْهِبَةُ بِالْمُعَاطَاةِ؛ لأَِنَّ الْهِبَةَ فِي حَقِيقَتِهَا عَطِيَّةٌ، وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعْطِي وَيُعْطَى مِنْ غَيْرِ أَلْفَاظٍ (?) .
28 - أَمَّا الْقَبُول فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِكُل قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ يُشْعِرُ بِالرِّضَا مِنْ جَانِبِ الْمَوْهُوبِ لَهُ كَقَوْلِهِ: قَبِلْتُ، وَرَضِيتُ، أَوْ يَأْخُذُهَا بِدُونِ لَفْظٍ.