لِمَنْ وَجَبَ لَهُ تَعْزِيرٌ أَوْ حَدُّ قَذْفٍ أَوْ قِصَاصٌ وَكَانَ فِي بَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنِ السُّلْطَانِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، لِلضَّرُورَةِ؛ لأَِنَّ الْحَقَّ يُحْتَمَل ضَيَاعُهُ إِذَا لَمْ يَسْتَوْفِهِ صَاحِبُهُ فِي مِثْل هَذِهِ الْحَالَةِ، وَنَقَل الشِّرْوَانِيُّ عَنِ الْعِزِّ بْنِ عَبْدِ السَّلاَمِ أَنَّهُ لَوِ انْفَرَدَ - أَيْ بِالْقَوَدِ - بِحَيْثُ لاَ يَرَى، فَيَنْبَغِي أَنْ لاَ يُمْنَعَ مِنْهُ، وَلاَ سِيَّمَا إِذَا عَجَزَ عَنْ إِثْبَاتِهِ (?) .
وَكَذَلِكَ قَال بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: يَجُوزُ لِلْمَشْتُومِ أَنْ يَرُدَّ عَلَى الشَّاتِمِ بِمِثْل قَوْلِهِ، وَالأَْفْضَل لَهُ أَنْ لاَ يَفْعَل (?) ، وَلَكِنْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ مَعْصِيَةٌ، لأَِنَّ الْمَعْصِيَةَ لاَ تُقَابَل بِمِثْلِهَا، وَإِلَى مِثْل هَذَا ذَهَبَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِ قَوْله تَعَالَى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْل مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} (?) .
حَيْثُ قَال: الاِعْتِدَاءُ هُوَ التَّجَاوُزُ، قَال تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} (?) أَيْ: يَتَجَاوَزُ، وَمَنْ ظَلَمَكَ فَخُذْ حَقَّكَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلِمَتِكَ، وَمَنْ شَتَمَكَ فَرُدَّ عَلَيْهِ مِثْل قَوْلِهِ، وَلاَ تَتَعَدَّ إِلَى أَبَوَيْهِ، وَلاَ إِلَى ابْنِهِ أَوْ قَرِيبِهِ، وَلَيْسَ لَك أَنْ تَكْذِبَ عَلَيْهِ وَإِنْ