عَظِيمَةُ الْخَطَرِ، حَيْثُ إِنَّهَا تُوقَعُ عَلَى النَّفْسِ، وَالْفَائِتُ فِيهَا لاَ يُسْتَدْرَكُ، فَوَجَبَ الاِحْتِيَاطُ فِي إِثْبَاتِهَا وَاسْتِيفَائِهَا (?) ، وَذَلِكَ لاَ يَتَحَقَّقُ إِلاَّ بِالرَّفْعِ إِلَى الْحَاكِمِ، لِيَنْظُرَ فِيهَا وَفِي أَسْبَابِهَا وَشُرُوطِهَا، وَالاِحْتِيَاطُ فِيهَا لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْحَقِّ، الَّذِي يَنْقَادُ فِي الْغَالِبِ لِعَاطِفَتِهِ، ثُمَّ إِنَّهُ لَيْسَ لَدَيْهِ مِنَ الْوَسَائِل اللاَّزِمَةِ لِلتَّحَرِّي مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ الْقَاضِي بِمَا وُضِعَ تَحْتَ يَدَيْهِ مِمَّا يُمْكِنُهُ مِنْ تَقَصِّي الْوَاقِعِ وَكَشْفِ الْحَقَائِقِ، وَلأَِنَّهُ لَوْ جُعِل لِلنَّاسِ اسْتِيفَاءُ مَا لَهُمْ مِنْ عُقُوبَاتٍ لَكَانَ فِي ذَلِكَ ذَرِيعَةٌ إِلَى تَعَدِّي بَعْضِ النَّاسِ عَلَى بَعْضٍ، ثُمَّ ادِّعَاؤُهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُمْ يَسْتَوْفُونَ حُقُوقَهُمْ، فَيَكُونُ هَذَا سَبَبًا فِي تَحْرِيكِ الْفِتْنَةِ (?) ، وَلأَِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْعُقُوبَاتِ لاَ يَنْضَبِطُ إِلاَّ بِحَضْرَةِ الإِْمَامِ، سَوَاءٌ فِي شِدَّةِ إِيلاَمِهَا كَالْجَلْدِ، أَوْ فِي قَدْرِهَا كَالتَّعْزِيرِ (?) .
وَاسْتَثْنَى فُقَهَاءُ الشَّافِعِيَّةِ مِمَّا تَقَدَّمَ حَالَةَ عَجْزِ صَاحِبِ الْحَقِّ فِي الْعُقُوبَةِ عَنْ تَحْصِيلِهَا بِوَاسِطَةِ الْحَاكِمِ، بِسَبَبِ الْبُعْدِ عَنْهُ، فَأَجَازُوا