يَعْلَمُونَ} (?) وَمِنْ ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} (?) . هَذَا وَفِي الْعَصْرِ الْحَدِيثِ شَاعَ إِطْلاَقُ لَفْظِ الشَّرِيعَةِ عَلَى مَا شَرَعَهُ اللَّهُ مِنْ أَحْكَامٍ عَمَلِيَّةٍ، فَهِيَ بِهَذَا الإِْطْلاَقِ تَكُونُ مُرَادِفَةً لِلَفْظِ فِقْهٍ بِالاِعْتِبَارِ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُتَأَخِّرُونَ.
وَلَعَل لِهَذَا الْعُرْفِ الْمُسْتَحْدَثِ سَنَدًا مِنْ قَوْله تَعَالَى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} (?) فَإِنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَا تَخْتَلِفُ فِيهِ الشَّرَائِعُ السَّمَاوِيَّةُ إِنَّمَا هُوَ فِي الأُْمُورِ الْعَمَلِيَّةِ الْفَرْعِيَّةِ، وَإِلاَّ فَالأَْحْكَامُ الأَْصْلِيَّةُ وَاحِدَةٌ فِي كُل الشَّرَائِعِ السَّمَاوِيَّةِ.
وَبِهَذَا الْعُرْفِ الْمُسْتَحْدَثِ أَطْلَقُوا عَلَى الْكُلِّيَّاتِ الَّتِي تُعْنَى بِدِرَاسَةِ الْفُرُوعِ اسْمَ كُلِّيَّاتِ الشَّرِيعَةِ.
لَفْظُ " التَّشْرِيعِ ":
8 - التَّشْرِيعُ لُغَةً مَصْدَرُ شَرَعَ، أَيْ وَضَعَ قَانُونًا وَقَوَاعِدَ. وَفِي الاِصْطِلاَحِ هُوَ خِطَابُ اللَّهِ تَعَالَى الْمُتَعَلِّقُ بِالْعِبَادِ طَلَبًا أَوْ تَخْيِيرًا أَوْ وَضْعًا.
وَمِنْ هُنَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ لاَ حَقَّ فِي التَّشْرِيعِ إِلاَّ لِلَّهِ وَحْدَهُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ} (?) فَلَيْسَ لأَِحَدٍ - كَائِنًا مَنْ كَانَ - أَنْ يَشْرَعَ حُكْمًا، سَوَاءٌ مَا يَتَّصِل بِحُقُوقِ اللَّهِ أَوْ حُقُوقِ الْعِبَادِ؛ لأَِنَّ هَذَا افْتِرَاءٌ عَلَى اللَّهِ، وَسَلْبٌ لِمَا اخْتَصَّ بِهِ نَفْسَهُ: {وَلاَ تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (?)