الدَّوْلَتَيْنِ اللَّتَيْنِ يَنْتَسِبُ إِلَيْهِمَا الشَّخْصَانِ.

فَإِنْ كَانَ اخْتِلاَفُ الدَّارَيْنِ بَيْنَ مُسْلِمَيْنِ لَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ شَيْئًا؛ لأَِنَّ دِيَارَ الإِْسْلاَمِ كُلَّهَا دَارٌ وَاحِدَةٌ. قَال السَّرَخْسِيُّ: " أَهْل الْعَدْل مَعَ أَهْل الْعَدْل يَتَوَارَثُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ؛ لأَِنَّ دَارَ الإِْسْلاَمِ دَارُ أَحْكَامٍ، فَبِاخْتِلاَفِ الْمَنَعَةِ وَالْمَلِكِ لاَ تَتَبَايَنُ الدَّارُ فِيمَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ؛ لأَِنَّ حُكْمَ الإِْسْلاَمِ يَجْمَعُهُمْ ". وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ السَّرَخْسِيُّ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُنْقَل فِيهِ خِلاَفٌ، إِلاَّ مَا قَال الْعَتَّابِيُّ: إِنَّ مَنْ أَسْلَمَ وَلَمْ يُهَاجِرْ إِلَيْنَا لاَ يَرِثُ مِنَ الْمُسْلِمِ الأَْصْلِيِّ سَوَاءٌ كَانَ فِي دَارِنَا، أَوْ كَانَ مُسْتَأْمَنًا بِدَارِ الْحَرْبِ. قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَقَوْل الْعَتَّابِيِّ مَدْفُوعٌ بِأَنَّ هَذَا كَانَ فِي ابْتِدَاءِ الإِْسْلاَمِ حِينَ كَانَتِ الْهِجْرَةُ فَرِيضَةً. فَقَدْ نَفَى اللَّهُ تَعَالَى الْوِلاَيَةَ بَيْنَ مَنْ هَاجَرَ وَمَنْ لَمْ يُهَاجِرْ فَقَال: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلاَيَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا (?) } ، فَلَمَّا كَانَتِ الْوَلاَيَةُ بَيْنَهُمَا مُنْتَفِيَةً كَانَ الْمِيرَاثُ مُنْتَفِيًا؛ لأَِنَّ الْمِيرَاثَ عَلَى الْوَلاَيَةِ. فَأَمَّا الْيَوْمَ فَإِنَّ حُكْمَ الْهِجْرَةِ قَدْ نُسِخَ. قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ هِجْرَةَ بَعْدَ الْفَتْحِ (?) .

قَال السَّرَخْسِيُّ: " فَأَمَّا دَارُ الْحَرْبِ فَلَيْسَتْ بِدَارِ أَحْكَامٍ، وَلَكِنْ دَارُ قَهْرٍ. فَبِاخْتِلاَفِ الْمَنَعَةِ وَالْمَلِكِ تَخْتَلِفُ الدَّارُ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَبِتَبَايُنِ الدَّارِ يَنْقَطِعُ التَّوَارُثُ. وَكَذَلِكَ إِذَا خَرَجُوا إِلَيْنَا بِأَمَانٍ، لأَِنَّهُمْ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ وَإِنْ كَانُوا مُسْتَأْمَنِينَ فِينَا، فَيُجْعَل كُل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015