الفرع الأول: إذا دلَّ المحرمُ حلالاً على صيدٍ فقتله:
اختلف الفقهاء فيما إذا دلَّ المحرمُ حلالاً على صيدٍ فقتله، على قولين:
القول الأول: إذا دلَّ المحرم حلالاً على صيدٍ فقتله، يلزم المحرم جزاؤه، وهو مذهب الحنفية (?)، والحنابلة (?)، وبه قال طائفةٌ من السلف (?)، وهو اختيار ابن تيمية (?)، والشنقيطي (?)، وحُكيَ فيه الإجماع (?).
الأدلة:
أولاً: من السنة:
قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحاب أبي قتادة رضي الله عنهم: ((هل منكم أحدٌ أمره أن يحمل عليها، أو أشار إليها؟)) (?).
وجه الدلالة:
أنه علَّق الحلَّ على عدم الإشارة؛ فأحرى أن لا يحل إذا دلَّه باللفظ، فقال هناك صيدٌ ونحوه (?).
ثانياً: أنَّه قول عليٍّ وابن عباس رضي الله عنهما، ولا يُعرَف لهما مخالفٌ من الصحابة رضي الله عنهم (?).
ثالثاً: أنَّه سببٌ يُتوصَّلُ به إلى إتلاف الصيد؛ فتعلَّق به الضمان؛ فإنَّ تحريم الشيء تحريمٌ لأسبابه (?).
القول الثاني: إذا دلَّ المحرمُ حلالاً على صيدٍ، فإنه يكون مُسيئاً، ولا جزاء عليه، وهو مذهب المالكية (?)، والشافعية (?).
الأدلة:
أولاً: من الكتاب
ظاهر قوله تعالى: فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ [المائدة: 95].
وجه الدلالة:
أنَّه علَّق الجزاء بالقتل؛ فاقتضى ألا يجب الجزاء بعدم القتل (?).
ثانياً: أنها نفسٌ مضمونةٌ بالجناية؛ فوجب ألاَّ تُضمنَ بالدلالة كالآدمي.
ثالثاً: أنَّ الصيد لا يُضمَن إلا بأحد ثلاثة أشياء: إما باليد، أو بالمباشرة، أو بالتسبب، فاليد أن يأخذ صيداً فيموت في يده فيضمن، والمباشرة أن يباشر قتله فيضمنه، والتسبُّب أن يحفر بئراً، فيقع فيها الصيد فيضمن، والدلالة ليست يداً ولا مباشرةً ولا سبباً (?).