المطلب الأول: من صيد لأجله
من صيد لأجله، فإنه يحرم عليه أكله، وهو مذهب جمهور الفقهاء من المالكية (?)، والشافعية (?)، والحنابلة (?)، واختاره داود الظاهري (?)، وبه قال بعض السلف (?).
الأدلة:
1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما ((أن الصعب بن جثامة الليثي أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم حماراً وحشيًّا، وهو بالأبواء أو بودَّان، فردَّه عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رأى ما في وجهه قال: إنا لم نرده عليك إلا أنا حُرُم)) (?).
2 - عن عبدالله بن عامر بن ربيعة قال: ((رأيت عثمان بن عفان رضي الله عنه بالعرج في يومٍ صائف، وهو محرم وقد غطى وجهه بقطيفة أرجوان، ثم أُتيَ بلحم صيدٍ، فقال لأصحابه: كلوا، قالوا: ألا تأكل أنت؟ قال: إني لست كهيأتكم، إنما صيد من أجلي)) (?).
المطلب الثاني: إذا صاد المحل صيدا وأطعمه المحرم، فهل يكون حلالا للمحرم؟
إذا صاد المحل صيداً، وأطعمه المحرم دون أن يعينه بشيءٍ على صيده، فإنه يحل للمحرم أكله، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية (?)، والمالكية (?)، والشافعية (?)، والحنابلة (?)، وحكاه الكاساني عن عامَّة العلماء (?).
الأدلة:
أولاً: من الكتاب
قوله تعالى: وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا [المائدة: 96].
وجه الدلالة:
أن كلمة: صيد، مصدر، أي: حُرِّم عليكم أن تصيدوا صيد البر، وليس بمعنى مصيد (?).
ثانياً: من السنة
1 - عن أبي قتادة رضي الله عنه، قال: ((كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ومنا المحرم، ومنا غير المحرم، فرأيت أصحابي يتراءون شيئا، فنظرت، فإذا حمار وحش يعني وقع سوطه، فقالوا: لا نعينك عليه بشيء، إنا محرمون، فتناولته، فأخذته ثم أتيت الحمار من وراء أكمة، فعقرته، فأتيت به أصحابي، فقال بعضهم: كلوا، وقال بعضهم: لا تأكلوا، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو أمامنا، فسألته، فقال: كلوه، حلال)) (?).
ثالثاً: أن المحرِم ليس له أثرٌ في هذا الصيد، لا دلالة، ولا إعانة، ولا مشاركة، ولا استقلالاً، ولا صيد من أجله؛ فلم يُمنع منه.
المطلب الثالث: الدلالة على الصيد