يجوز الرمي ليلاً لمن لم يرم نهاراً، فيمتد وقت جواز رمي كل يوم إلى فجر اليوم التالي، وهذا مذهب الحنفية (?)، وهو وجهٌ للشافعية (?)،واختاره ابن المنذر (?)، والنووي (?)، وابن باز (?)، وابن عثيمين (?).
الأدلة:
أولاً: من السنة:
1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُسأل يوم النحر بمنى، فيقول: لا حرج، فسأله رجل فقال: حلقت قبل أن أذبح؟ فقال: اذبح ولا حرج، وقال: رميت بعدما أمسيت؟ فقال: لا حرج)) (?).
وجه الدلالة:
أن النبي صلى الله عليه وسلم صرّح بأن مَنْ رمى بعدما أمسى لا حرج عليه، واسم المساء يطلق لغة على ما بعد وقت الظهر إلى الليل، وخصوص سببه بالنهار لا عبرة به؛ لأن العبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب، ولفظ المساء عام لجزء من النهار، وجزء من الليل (?).
2 - عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل أيام منى؟ فيقول: لا حرج، فسأله رجل فقال: حلقت قبل أن أذبح؟ قال: لا حرج، فقال رجل: رميت بعدما أمسيت؟ قال: لا حرج)) (?).
وجه الدلالة:
أن قوله في هذا الحديث الصحيح: أيام منى بصيغة الجمع صادق بأكثر من يوم واحد، فهو صادق بحسب وضع اللغة، ببعض أيام التشريق، والسؤال عن الرمي بعد المساء فيها لا ينصرف إلا إلى الليل، لأن الرمي فيها لا يكون إلا بعد الزوال، وهو معلوم، فلا يسأل عنه صحابي، فتعين أن يكون السؤال عن الرمي في الليل (?).
ثانياً: الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم:
1 - عن نافع مولى ابن عمر: ((أن ابنة أخٍ لصفية بنت أبي عبيد نفست بالمزدلفة، فتخلفت هي وصفية حتى أتتا من بعد أن غربت الشمس من يوم النحر، فأمرهما عبدالله بن عمر أن ترميا الجمرة حين أتتا ولم ير عليهما شيئاً)) (?).
وجه الدلالة:
أن ابن عمر رضي الله عنهما أمر زوجته صفية بنت أبي عبيد وابنة أخيها برمي الجمرة بعد الغروب، ورأى أنه لا شيء عليهما في ذلك، وذلك يدل على أنه علم من النبي صلى الله عليه وسلم: أن الرمي ليلاً جائز (?).
2 - عن ابن جريج عن عمرو قال: ((أخبرني من رأى بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ترمي غربت الشمس أو لم تغرب)) (?)
ثالثاً: أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقَّت أول الرمي وسكت عن آخره، والأصل بقاء الوقت، وليس هناك سنة تدل على أنه إذا غابت الشمس انتهى وقت الرمي، والليل يمكن أن يكون تابعاً للنهار كما في وقوف عرفة (?).
رابعاً: أنه إذا رخص في رميها في اليوم الثاني فالرمي بالليل أولى (?).