يصح الاعتكاف في سطح المسجد أو صعود المعتكف إليه، وهو قول جمهور العلماء من الحنفية (?)، والشافعية (?)، والحنابلة (?)، بل حكى ابن قدامة الإجماع على ذلك (?).

وذلك لأن السطح من جملة المسجد فيأخذ أحكامه.

المطلب السادس: اعتكاف المرأة في مسجد بيتها

لا يصح اعتكاف المرأة في مسجد بيتها (?)، وهو قول جمهور الفقهاء من المالكية (?)، والشافعية (?)، والحنابلة (?)

الأدلة:

أولاً: من الكتاب:

قوله تعالى: وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ [البقرة: 187]

والمراد بالمساجد: المواضع التي بنيت للصلاة فيها. وموضع صلاة المرأة في بيتها ليس بمسجد؛ لأنه لم يبن للصلاة فيه، فلا يثبت له أحكام المساجد الحقيقية.

ثانياً: من السنة:

1 - عن عائشة رضي الله عنها: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف معه بعض نسائه وهي مستحاضةٌ ترى الدم، فربما وضعت الطست تحتها من الدم ... )). أخرجه البخاري (?)

وجه الدلالة:

أن النبي صلى الله عليه وسلم مكَّن امرأته أن تعتكف في المسجد وهي مستحاضةٌ، إذ لا تفعل ذلك إلا بأمره، ولو كان الاعتكاف في البيت جائزاً لما أمرها بالمسجد، ولأمرها بالبيت؛ فإنه أسهل وأيسر وأبعد عن تلويث المسجد بالنجاسة، وعن مشقة حمل الطست ونقله، وهو صلى الله عليه وسلم لم يُخيَّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً، فعُلِمَ أن الجلوس في غير المسجد ليس باعتكاف.

2 - عن عائشة رضي الله عنها: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فاستأذنته عائشة، فأذن لها، وسألت حفصة عائشة أن تستأذن لها ففعلت، فلما رأت ذلك زينب ابنة جحش أمرت ببناء، فبني لها، قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى انصرف إلى بنائه، فبصر بالأبنية فقال: ما هذا؟ قالوا: بناء عائشة وحفصة وزينب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: آلبر أردن بهذا؟! ما أنا بمعتكف. فرجع، فلما أفطر اعتكف عشراً من شوال)). أخرجه البخاري ومسلم (?)

وجه الدلالة:

أنه لو كان اعتكافهن رضي الله عنهن في غير المسجد العام ممكناً؛ لاستغنين بذلك عن ضرب الأخبية في المسجد كما استغنين بالصلاة في بيوتهن عن الجماعة في المسجد، ولَأَمرهن النبيُّ صلى الله عليه وسلم بذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015