المبين: اسم الفاعل من أبان يبين فهو مبين إذا أظهر وبينَّ إما قولاً، وإما فعلاً والبينة هي الدلالة الواضحة عقلية كانت أو محسوسة والبيان هو الكشف عن الشيء وسمي الكلام بياناً لكشفه عن المقصود وإظهاره نحو هَذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ [آل عمران:138] فالله عز وجل هو المبين لعباده سبيل الرشاد والموضح لهم الأعمال التي يستحقون الثواب على فعلها والأعمال التي يستحقون العقاب عليها، وبين لهم ما يأتون، وما يذرون يقال: أبان الرجل في كلامه ومنطقه فهو مبين والبيان: الكلام ويقال: (بان الكلام وأبان بمعنىً واحد فهو: مُبِّينٌ ومُبينٌ (?) وقد سمى الله نفسه بالمبين يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ [النور:25] وهو سبحانه الذي بين لعباده طرق الهداية وحذرهم وبين لهم طرق الضلال وأرسل إليهم الرسل وأنزل الكتب ليبين لهم قال الله عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ [البقرة:195] وهذا وعيد شديد لمن كتم ما جاءت به الرسل من الدلالات البينة على المقاصد الصحيحة والهدى النافع للقلوب من بعد ما بينه الله تعالى في كتبه التي أنزلها على رسله عليهم الصلاة والسلام وقال عز وجل: وَقَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ لَوْلاَ يُكَلِّمُنَا اللهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [البقرة:118]، كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ [البقرة:266]، يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [النساء:26] وقال عز وجل: يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ [المائدة:15 - 16] ويقول عز وجل: انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ [المائدة:75] وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [النور:18] والله عز وجل يبين للناس الأحكام الشرعية ويوضحها ويبين الأحكام القدرية وهو عليم بما يصلح عباده حكيم في شرعه وقدره، (?) فله الحكمة البالغة والحجة الدامغة وقال عز وجل: كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [آل عمران:103] وقال: وَمَا كَانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [التوبة:115] يخبر الله عن نفسه الكريمة وحكمه العادل أنه لا يضل قوماً إلا بعد إبلاغ الرسالة إليهم حتى يكونوا قد قامت عليهم الحجة (?) شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة لسعيد بن علي بن وهف القحطاني - ص197