قال الخطابي رحمه الله تعالى: (-القادر-: هو من القدرة على الشيء، يقال: قدر يقدر قدرة فهو قادر وقدير، كقوله تعالى: وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا [الأحزاب: 27]، ووصف الله سبحانه نفسه بأنه قادر على كل شيء أراده لا يعترضه عجز ولا فتور) (?).
ويقول ابن القيم رحمه الله تعالى في نونيته:
(وهو القدير وليس يعجزه إذا ... مارام شيئاً قط ذو سلطان) (?)
وقال في موطن آخر من النونية:
(وهو القدير فكل شيء فهو ... مقدور له طوعاً بلا عصيان) (?)
ويقول في طريق الهجرتين: (-القدير- الذي لكمال قدرته: يهدي من يشاء ويضل من يشاء، ويجعل المؤمن مؤمناً والكافر كافراً؛ والبر براً والفاجر فاجراً، وهو الذي جعل إبراهيم وآله أئمة يدعون إليه ويهدون بأمره؛ وجعل فرعون وقومه أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ [القصص: 41]، ولكمال قدرته لا يحيط أحد بشيء من علمه إلا بما شاء أن يعلمه إياه، ولكمال قدرته خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسه من لغوب، ولا يعجزه أحد من خلقه ولا يفوته؛ بل هو في قبضته أين كان، فإن فر منه فإنما يطوي المراحل في يديه، كما قيل:
وكيف يفر المرء عنك بذنبه ... إذا كان يطوي في يديك المراحلا (?)
ويقول الشيخ السعدي رحمه الله تعالى: (-القدير-: كامل القدرة، بقدرته أوجد الموجودات، وبقدرته دبرها، وبقدرته سواها وأحكمها، وبقدرته يحيي ويميت، ويبعث العباد للجزاء، ويجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته، الذي إذا أراد شيئاً قال له: كن فيكون، وبقدرته يقلب القلوب ويصرفها على ما يشاء ويريد) (?).
ويقول الراغب الأصفهاني: (القدرة إذا وصف بها الإنسان فاسم لهيئة له بها يتمكن من فعل شيء ما، وإذا وصف بها الله تعالى فهي نفي العجز عنه، ومحال أن يوصف غير الله بالقدرة المطلقة ... بل حقه أن يقال: قادر على كذا ... لأنه لا أحد غير الله يوصف بالقدرة من وجه إلا ويصح أن يوصف بالعجز من وجه، والله تعالى هو الذي ينتفي عنه العجز من كل وجه.
والقدير هو الفاعل لما يشاء على قدر ما تقتضي الحكمة لا زائداً عليه ولا ناقصاً عنه، ولذلك لا يصح أن يوصف به إلا الله تعالى: إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (?).
وآثار قدرة الله عز وجل لا تعد ولا تحصى؛ فأينما وقع النظر على شيء من خلق الله عز وجل في الآفاق، وفي الأنفس وفي الخوارق والمعجزات رأى قدرة الله عز وجل الباهرة أمامه ومن ذا الذي يحصي ما خلقه الله تعالى. ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها لعبد العزيز بن ناصر الجليل – ص: 420