وأما النقل فما ذكره السلف من أن البدعة، إذا أحدثت لا تزيد إلا مضياً، وليست كذلك المعاصي. فقد يتوب صاحبها وينيب إلى الله، بل قد جاء ما يؤيد ذلك في حديث الفرق حيث جاء في بعض الروايات ((تتجارى بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه)) (?) ومن هنا جزم السلف بأن المبتدع لا توبة له. وسيأتي لذلك مزيد بيان عند الكلام في خطورة البدع.

والشرط الثاني: أن لا يدعو إليها. فإن البدعة قد تكون صغيرة بالإضافة، ثم يدعو مبتدعها إلى القول والعمل على مقتضاها, فيكون إثم ذلك كله عليه، فإنه الذي أثارها، وسبب كثرة وقوعها والعمل بها، وقد ثبت في الحديث الصحيح أن كل من سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً.

والشرط الثالث: أن لا تفعل في المواضع التي هي مجتمعات الناس، أو المواضع التي تقام فيها السنن. وتظهر فيها أعلام الشريعة، فأما إظهارها في المجتمعات ممن يقتدى به, أو ممن يحسن به الظن، فذلك من أضر الأشياء على سنن الإسلام فإنها لا تعدو أمرين:

إما أن يقتدى بصاحبها فيها، فإن العوام أتباع كل ناعق، لاسيما البدع التي وكل الشيطان بتحسينها للناس، والتي للنفوس في تحسينها هوى، وإذا اقتدى بصاحب البدعة الصغيرة كبرت بالنسبة إليه, لأن كل من دعا إلى ضلالة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها، فعلى حسب كثرة الأتباع يعظم الوزر.

وأما اتخاذها في المواضع التي تقام فيها السنن فهو كالدعاء إليها بالتصريح. لأن إظهار البدع في أماكن إقامة الشعائر الإسلامية يوهم أن كل ما أظهر فيها فهو من الشعائر, فكأن المظهر لها يقول: هذه سنة فاتبعوها.

والشرط الرابع: أن لا يستصغرها, ولا يستحقرها, وإن فرضناها صغيرة فإن ذلك استهانة بها، والاستهانة بالذنب أعظم من الذنب، فكان ذلك سبباً لعظم ما هو صغير.

فإذا توافرت هذه الشروط فإن هذه البدع تكون صغيرتها صغيرة, فإن تخلف شرط منها أو أكثر صارت كبيرة، أو خيف أن تصير كبيرة كما أن المعاصي كذلك (?). ا. هـ. تنبيه أولي الأبصار إلى كمال الدين وما في البدع من الأخطار لصالح بن سعد السحيمي – ص: 102

طور بواسطة نورين ميديا © 2015