وتصحيح تركيب المجتمع المسلم على أساس الحب في الله ولله جعل من هذا المجتمع يداً واحدة، وكلمة واحدة، وعملاً واحداً، وذمة واحدة، ودما واحدا، وفكرا واحدا، ونظاماً واحداً في سياسته ووسائل حياته وتربيته وسلوكه وأخلاقياته، كما أشار إلى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الحديث الصحيح الثابت: ((المسلمون تتكافأ دماؤهم، وهم يد على من سواهم، ويسعى بذمتهم أدناهم)) اهـ (?). (?).
ولقد عد النبي صلى الله عليه وسلم، الحب في الله من أوثق عرى الإيمان فقال في الحديث الصحيح الذي يرويه عنه ابن عباس رضي الله عنهما: ((أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله، والمعاداة في الله، والحب في الله، والبغض في الله)) (?).
وقد عد النبي صلى الله عليه وسلم، الحب في الله من الأسباب التي يجد بها المؤمن حلاوة الإيمان، فعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا الله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار)) (?).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله)) وعد منهم: ((رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه)) (?).
وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قال الله تعالى: حقت محبتي للمتحابين في، وحقت محبتي للمتواصلين في، وحقت محبتي للمتناصحين في، وحقت محبتي للمتزاورين في، وحقت محبتي للمتباذلين في. المتحابون في على منابر من نور، يغبطهم بمكانهما النبيون والصديقون والشهداء)). (?)
وهكذا نلاحظ أن الأخوة في الله كما أن فضلها عظيم فهي من ركائز الإيمان التي ينبغي لكل مسلم أن يعنى بها.
والناظر في حياة المسلمين اليوم يرى أن هذا المبدأ العظيم قد اعتراه الوهن والضعف وذلك لتفريط المسلمين في حقه وعدم اعتنائهم به أفراداً وجماعات. فنجد على مستوى الأفراد عدم مراعاة حق الجوار حتى إن الجار قد لا يعرف جاره، وعلى مستوى الجماعات حصول القطيعة بين الجماعات التي تسلك طريق الدعوة إلى الله وتنادي بجمع كلمة المسلمين، وهم أولى بجمع كلمتهم وتآلفهم ليكونوا بذلك قدوة لمجتمعاتهم الإسلامية.
الدليل الثالث: قوله تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ [التوبة: 71].