1 - وقوع الهلاك: وذلك من جهتين:
الأولى: أن المعاصي التي تظهر ولا تنكر سبب للعقوبات والمصائب (?).
الثانية: أن السكوت ذاته يعد معصية يستحق صاحبه العقوبة (?)، كما أنه يدل على التهاون في دين الله عز وجل.
هذا إذا كان الساكت عنه فرداً من أفراد المجتمع .. أما حين يسكت المجتمع بأكمله .. فإن العقوبة تعم في هذه الحال. قال الله تعالى: وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً [الأنفال: 25]. وقال البخاري –رحمه الله-: باب ما جاء في قوله تعالى: وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً ... ثم ذكر بعض الأحاديث تحت هذا الباب. قال الحافظ: (وعند الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: أمر الله المؤمنين أن لا يقروا المنكر بين أظهرهم فيعمهم العذاب) (?). ولهذا الأثر شاهد من حديث عدي بن عميرة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله عز وجل لا يعذب العامة بعمل الخاصة، حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه، فإذا فعلوا ذلك عذب الله الخاصة والعامة)) (?). ا. هـ (?).
وقد ورد في هذا المعنى أحاديث وآثار متنوعة، منها حديث أبي بكر الصديق –رضي الله عنه عند بيانه لما أشكل على البعض من قوله تعالى: عليكم أنفسكم وفيه: وإنما سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب ... )) (?).
وثبت عنه أيضاً. ((وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي ثم يقدرون أن يغيروا ولا يغيرون إلا يوشك أن يعمهم الله بعقاب)) (?).
قال ابن العربي في شرحه: (وهذا الفقه عظيم، وهو أن الذنوب منها ما يعجل الله عقوبته، ومنها ما يمهل بها إلى الآخرة، والسكوت عن المنكر تتعجل عقوبته في الدنيا بنقص الأموال والأنفس والثمرات، وركوب الذل من الظلمة للخلق ... ) ا. هـ (?).