والذي يدلّ على ما سبق ذكره من وجوب مباشرة الإمام بنفسه وعدم الاحتجاب عن رعيته والنصح لهم ما رواه أبو داود بإسناد إلى أبي مريم الأزدي قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من ولاَّه الله عز وجل شيئًا من أمر المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخُلَّتِهم وفقرهم، احتجب الله دون حاجته وخلته وفقره)) (?). واختلف في مشروعية الحاجب للحكام ... (?)

رابعًا: الرفق بالرعية والنصح لهم وعدم تتبع عوراتهم:

كما أن من واجبه أيضًا الرفق بهذه الرعية التي استرعاه الله أمرها، والنصح لهم، وعدم تتبع سوءاتهم وعوراتهم، وقد ورد في هذا الواجب أحاديث وآثار كثيرة منها:

ما رواه مسلم في صحيحه بسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في بيتي هذا: ((اللهم من وَلِيَ من أمر أمتي شيئًا فشقّ عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئًا فرفق بهم فارفق به)) (?).

قال النووي: (هذا من أبلغ الزواجر عن المشقة على الناس، وأعظم الحثِّ على الرفق بهم، وقد تظاهرت الأحاديث بهذا المعنى) (?).

ومنها ما رواه البخاري بسنده إلى الحسن قال: إن عبيد الله بن زياد زار مَعْقِل بن يسار في مرضه الذي مات فيه، فقال له معقل: إني محدثك حديثًا سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((ما من عبد يسترعيه الله رعية من المسلمين فيموت وهو غاشّ لهم إلا حرَّم الله عليه الجنة)) (?). وعند مسلم قال - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من عبد يلي أمر المسلمين ثم لا يجهد لهم وينصح لهم إلا لم يدخل الجنة معهم)) (?).

وعن الحسن أن عائذ بن عمرو كان من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل على عبيد الله بن زياد فقال: أي بني: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إن شرَّ الرّعاء الحُطَمَةَ (?)، فإياك أن تكون منهم، فقال له: اجلس إنما أنت من نخالة أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -، فقال: وهل كانت لهم نخالة؟ إنما كانت النخالة بعدهم وفي غيرهم)) (?).

ومنها ما رواه أبو داود بسنده عن أبي أمامة قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا ابتغى الأمير الرِّيبة في الناس أفسدهم)) (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015