المبحث الثالث: خطر الطعن على العلماء, وشؤم الحط من أقدارهم

الجناية على العلماء خرق في الدين، فمن ثم قال الطحاوي في (عقيدته): (وعلماء السلف من السابقين، ومن بعدهم من التابعين – أهل الخير والأثر، وأهل الفقه والنظر – لا يذكرون إلا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء، فهو على غير السبيل) (?).

قال ابن المبارك: (من استخف بالعلماء ذهبت آخرته، ومن استخف بالأمراء ذهبت دنياه، ومن استخف بالإخوان ذهبت مروءته) (?).

وقال أبو سنان الأسدي: (إذا كان طالب العلم قبل أن يتعلم مسألة في الدين يتعلم الوقيعة في الناس؛ متى يفلح؟!) (?).

وقال الإمام أحمد بن الأذرعي: (الوقيعة في أهل العلم ولا سيما أكابرهم من كبائر الذنوب) (?).

وعن جعفر بن سليمان قال: سمعت مالك بن دينار يقول:

(كفى بالمرء شراً أن لا يكون صالحاً، وهو يقع في الصالحين) (?).

والطاعنون في العلماء لا يضرون إلا أنفسهم، وهم يستجلبون لها بفعلتهم الشنيعة أخبث الأوصاف: بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [الحجرات: 11]. وهم من شرار عباد الله؛ بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم فعن عبد الرحمن بن غنم يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خيار عباد الله الذين إذا رؤوا ذكر الله، وشرار عباد الله المشاؤون بالنميمة، المفرقون بين الأحبة، الباغون للبرآء العنت)) (?).

وهم مفسدون في الأرض، وقد قال تعالى: إِنَّ اللهَ لاَ يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ [يونس: 81].

وهم عرضة لحرب الله تعالى، القائل في الحديث القدسي: ((من عادى لي ولياً، فقد آذنته بالحرب)) (?).

وهم متعرضون لاستجابة دعوة العالم المظلوم عليهم، فدعوة المظلوم – ولو كان فاسقاً – ليس بينها وبين الله حجاب، فكيف بدعوة ولي الله الذي قال فيه: ((ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه)) (?).

قال الإمام الحافظ أبو العباس الحسن بن سفيان لمن أثقل عليه: (ما هذا؟! قد احتملتك وأنا ابن تسعين سنة، فاتق الله في المشايخ، فربما استجيبت فيك دعوة) (?).

ولما أنكر السلطان على الوزير نظام الملك صرف الأموال الكثيرة في جهة طلبة العلم، أجابه:

(أقمت لك بها جنداً لا ترد سهامهم بالأسحار)، فاستصوب فعله، وساعده عليه (?).

وقيل: إن أولاد يحيى – أي ابن خالد البرمكي – قالوا له وهم في القيود مسجونين: (يا أبة صرنا بعد العز إلى هذا؟!) قال: (يا بني دعوة مظلوم غفلنا عنها، لم يغفل الله عنها) (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015