والقول بأنها قد ثبتت بالنص قد يصعب الاستدلال عليه، لأن أقواله - صلى الله عليه وسلم - وأفعاله التي يستدل بها على أن خلافة أبي بكر ثابتة بالنص لا تفيد هذا إفادة صريحة، فتقديم الرسول - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر للصلاة بالناس (?) ليس نصًا على خلافته لا جليًا ولا خفيًا وإنما هو إرشاد للأمة إلى أن أبا بكر أولى بأن ينوب عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك أحاديث سد الأبواب (?) والخوخ (?) إلا باب أبي بكر ففيه إشارة إلى فضله وتميزه عن غيره لا أكثر.

أما الأحاديث الدالة على أنه أراد أن يكتب عهدًا ثم تركه (?) فقد ترك ذلك لعلمه بأن المؤمنين سيختارونه من دون عهد منه - صلى الله عليه وسلم - فدل على أنه ليس هناك عهد.

وكذلك حديث المرأة السائلة، ومبعوث بني المصطلق. ففيه: إخبار بأن الذي سيكون واليًا هو أبو بكر، فلتأته المرأة وتسأله، وليدفع بنوا المصطلق إليه زكاتهم. وكذلك حديث الأمر بالإقتداء ليس نصًا في الخلافة.

فهذه الأحاديث التي يظن بعض الناس أنها تفيد النص على إمامة أبي بكر رضي الله تعالى عنه إنما تدل على علم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن طريق الوحي بأن المسلمين سيجتمعون على خلافة أبي بكر لمزاياه التي لا يضارعه فيها أحد كما تدل إلى رضا الله ورسوله بذلك دون غيره، وهذا هو الذي فهمه الصحابة رضوان الله تعالى عليهم منها، يدل على ذلك ما يلي:

1 - اجتماع السقيفة: حيث لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة لاختيار خليفة للمسلمين (?) فلو كان هناك نص ما اجتمعوا لذلك ولبايعوا المعهود إليه مباشرة وهم أحرص الناس على اتباع رسول الله - صلى الله عليه وسلم.

2 - كما يدل على ذلك أيضًا أخذ أبي بكر رضي الله تعالى عنه بيدي عمر وأبي عبيدة بن الجراح وقوله: (قد اخترت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم) (?) فلو كان هناك عهد له لم يجز له أن يختار، ولا يعقل أن لا يعلم هو بذلك وهو المعهود له.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015