5 - وما رواه الطبراني عن مسروق قال: (شاممت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا الدرداء وزيد بن ثابت، ثم شاممت الستة فوجدت علمهم انتهى إلى علي وعبد الله بن مسعود) (?).
5 - وما رواه ابن سعد عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: (كان ابن عباس قد فات الناس بخصال: بعلم ما سبقه، وفقه فيما احتيج إليه من رأيه، وحلم، وسيب ونائل، وما رأيت أحداً كان أعلم بما سبقه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم منه، ولا أعلم بقضاء أبي بكر وعمر وعثمان منه، ولا أفقه في رأي منه، ولا أعلم بشعر ولا عربية ولا بتفسير القرآن ولا بحساب ولا بفريضة منه، ولا أعلم بما مضى ولا أثقف رأياً فيما احتيج إليه منه.
ولقد كان يجلس يوماً ما يذكر فيه إلا الفقه، ويوماً التأويل، ويوماً المغازي، ويوماً الشعر، ويوماً أيام العرب، وما رأيت عالماً قط جلس إليه إلا خضع له، وما رأيت سائلاً قط سأله إلا وجد عنده علماً) (?).
6 - وما رواه ابن عبد البر في (الاستيعاب) قال: (وسئل الحسن بن أبي الحسن البصري عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: كان علي والله سهماً صائباً من مرامي الله على عدوه، ورباني هذه الأمة، وذا فضلها، وذا سابقتها، وذا قرابتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن بالنومة عن أمر الله ولا باللومة في دين الله ولا بالسروقة لمال الله، أعطى القرآن عزائمه، ففاز منه برياض مونقة، ذلك علي بن أبي طالب رضي الله عنه يا لكع) (?).
7 - وما رواه أبو نعيم في (الحلية) عن أبي صالح قال: (دخل ضرار بن ضمرة الكناني على معاوية فقال له: صف لي علياً فقال: أو تعفيني يا أمير المؤمنين؟ قال: لا أعفيك، قال: أما إذا لابد فإنه كان والله بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلاً ويحكم عدلاً، يتفجر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه، يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل وظلمته، كان والله غزير العبرة، طويل الفكرة، يقلب كفه، ويخاطب نفسه، يعجبه من اللباس ما قصر، ومن الطعام ما جشب. كان والله كأحدنا، يدنينا إذا أتيناه، ويجيبنا إذا سألناه، وكان مع تقربه إلينا وقربه منا لا نكلمه هيبة له، فإن تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم، يعظم أهل الدين، ويحب المساكين، لا يطمع القوي في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله، فأشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه، وقد أخرى الليل سدوله، وغارت نجومه، يميل في محرابه قابضاً على لحيته، يتململ تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين، فكأني أسمعه الآن وهو يقول: يا ربنا يا ربنا – يتضرع إليه، ثم يقول للدنيا: إلي تغرتت؟ إلي تشوفت؟ هيهات هيهات، غري غيري، قد بتتك ثلاثاً، فعمرك قصير، ومجلسك حقير، وخطرك كبير، آه آه من قلة الزاد، وبعد السفر، ووحشة الطريق.
فوكفت دموع معاوية على لحيته ما يملكها، وجعل ينشفها بكمه، وقد اختنق القوم بالبكاء فقال:
كذا كان أبو الحسن رحمه الله، كيف وجدك عليه يا ضرار؟ قال: وجد من ذبح واحدها في حجرها، لا ترقأ دمعتها، ولا يسكن حزنها، ثم قام فخرج) (?).