النوع الرابع: الخبر الآحاد: ويدخل تحته أربع طرق

أ- رواية أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم بطريق الرؤية أو السماع، مع معاصرته للنبي صلى الله عليه وسلم، كأن يقول أحد التابعين: أخبرني فلان أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول، أو رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعل كذا، كقول الزهري فيما رواه البخاري في فتح مكة من صحيحه:

أخبرني سنين أبو جميلة، ونحن مع ابن المسيب قال: (وزعم أبو جميلة أنه أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وخرج معه عام الفتح) (?).

فإن ذلك طريق من طرق إثبات صحبة ذلك الراوي، كما يدل على ذلك كلام ابن كثير في كتابه (الباعث الحثيث) حيث قال وهو يبين طرق إثبات الصحبة:

وتارة بروايته عن النبي صلى الله عليه وسلم سماعاً، أو مشاهدة مع المعاصرة (?)، وكلام السخاوي كما في (فتح المغيث) (?).

ب- إخبار الصحابي عن نفسه أنه صحابي:

وقد افترق العلماء إزاء هذا الطريق إلى أربعة مذاهب:

المذهب الأول:

أنه يقبل قوله: إني صحابي مطلقاً من غير شرط، وجرى على ذلك ابن عبد البر فيما نقله عنه السخاوي في (فتح المغيث) حيث قال: (إن ابن عبد البر قد جزم بالقبول من غير شرط، بناء على أن الظاهر سلامته من الجرح، وقوي ذلك بتصرف أئمة الحديث في تخريجهم أحاديث هذا الضرب في مسانيدهم) (?).

المذهب الثاني:

أنه يقبل قوله بشرطين:

الأول: أن يكون ذلك بعد ثبوت عدالته.

الثاني: أن يكون بعد ثبوت معاصرته للنبي صلى الله عليه وسلم.

وممن ذهب إلى ذلك وجزم بقبول قوله: جمهور علماء الأصول والحديث.

ومنهم: ابن النجار حيث قال في (شرح الكوكب المنير):

(فلو قال معاصر عدل: أنا صحابي، قبل عند أصحابنا والجمهور) (?).

وابن اللحام حيث قال في (المختصر):

(فلو قال معاصر عدل: أنا صحابي، قبل عند الأكثر) (?).

وأبو الحسين البصري المعتزلي، كما في كتابه (المعتمد) (?).

والإمام السبكي كما في (جمع الجوامع) (?).

والإمام العراقي كما في (ألفيته) (?)، والحافظ ابن حجر كما في (الإصابة) (?)، والإمام السخاوي كما في (فتح المغيث) (?)، والإمام ابن الصلاح كما في (مقدمته) (?)، والنووي كما في (تقريبه) (?)، وزكريا الأنصاري كما في (فتح الباقي) (?)، وممن ذهب إلى ذلك الإمام الباقلاني كما نقل ذلك عنه السبكي والشوكاني (?)، غير أنه اشترط صحة ثبوت صحبته بقوله إني صحابي أن لا يروى عن غيره ما يعارض صحبته – كما نقل ذلك عنه الشوكاني في (إرشاد الفحول) (?).

والعلة في صحة قبول إخباره عن نفسه أنه صحابي، لأنه لو أخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم قبلنا روايته عنه، فلأن نقبل خبره عن نفسه بأنه صحابي من باب أولى.

وقد أشار إلى هذا التعليل ابن النجار حيث قال:

(إنه قول ثقة مقبول القول، فقبل في ذلك كروايته) (?).

والمعاصرة التي اشترطوها في إثبات الصحبة هي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015