السابع: أن الشيخ أجاب أحد طلابه بجوابٍ فصلٍ في هذه المسألة، مبيناً الفرق بين ترك آحاد الأعمال، وتركِ العمل جملة، وأن أهل السنة متفقون على أن جنس العمل لابد منه لصحة الإيمان.

قال الأخ عبد العزيز بن فيصل الراجحي حفظه الله: (وقد سألت شيخنا الإمام ابن باز عام (1415هـ) وكنا في أحد دروسه عن الأعمال: أهي شرط صحة للإيمان، أم شرط كمال؟

فقال: من الأعمال شرط صحة للإيمان لا يصح الإيمان إلا بها كالصلاة، فمن تركها فقد كفر. ومنها ما هو شرط كمال يصح الإيمان بدونها، مع عصيان تاركها وإثمه (?).

فقلت له: من لم يكفر تارك الصلاة من السلف، أيكون العمل عنده شرط كمال؟ أم شرط صحة؟

فقال: لا، بل العمل عند الجميع شرط صحة، إلا أنهم اختلفوا فيما يصح الإيمان به منه؛ فقالت جماعة: إنه الصلاة، وعليه إجماع الصحابة كما حكاه عبدالله بن شقيق. وقال آخرون بغيرها. إلا أن جنس العمل لابد منه لصحة الإيمان عند السلف جميعاً. لهذا الإيمان عندهم: قول وعمل واعتقاد، لا يصح إلا بها مجتمعة) (?).

الثامن: أن الشيخ ابن باز سئل ما نصه: من شهد أن لا إله إلا الله واعتقد بقلبه ولكن ترك جميع الأعمال، هل يكون مسلماً؟

فأجاب: (لا، ما يكون مسلماً حتى يوحد الله بعمله، يوحد الله بخوفه ورجاءه، ومحبته، والصلاة، ويؤمن أن الله أوجب كذا وحرم كذا. ولا يتصور، ما يتصوّر أن الإنسان المسلم يؤمن بالله يترك جميع الأعمال، هذا التقدير لا أساس له. لا يمكن يتصور أن يقع من أحد. نعم؛ لأن الإيمان يحفزه إلى العمل. الإيمان الصادق) (?).

تعليق: مع وضوح كلام الشيخ وكثرته في بيان هذه المسألة، إلا أن المخالف أعرض عنه، وتمسك بكلامه في حكاية خلاف أهل السنة في حكم تارك الصلاة، أو تارك المباني الأربعة، وهذا خارج عن محل النزاع، فكلامنا في ترك العمل الظاهر بالكلية، لا في ترك بعض الأعمال.

ومن ذلك استشهادهم بحوار أجرته مجلة الفرقان مع الشيخ، جاء فيه: (س: العلماء الذين قالوا بعدم كفر من ترك أعمال الجوارح مع تلفظه بالشهادتين ووجود أصل الإيمان القلبي هل هم من المرجئة؟

فقال الشيخ: هذا من أهل السنة والجماعة، فمن ترك الصيام أو الزكاة أو الحج لا شك أن ذلك كبيرة عند العلماء، ولكن على الصواب لا يكفر كفراً أكبر، أما تارك الصلاة، فالأرجح أنه كافر كفراً أكبر إذا تعمد تركها، وأما تارك الزكاة والصيام والحج فإنه كفر دون كفر.

السائل: أعمال الجوارح هل هي شرط كمال أم شرط صحة الإيمان؟

الشيخ: إن أعمال الجوارح كالصوم هي من كمال الإيمان والصدقة والزكاة من كمال الإيمان وتركها ضعف في الإيمان، أما الصلاة فالصواب أن تركها كفر، فالإنسان عندما يأتي بالأعمال الصالحة فإن ذلك من كمال الإيمان) انتهى.

قلت: هذا أعلى ما استشهدوا به من كلام الشيخ رحمه الله في هذه المسألة، ولا معارضة بينه وبين ما نقلته عنه، فكلامه هنا عن ترك آحاد العمل، كالصيام أو الزكاة أو الحج، أو الصلاة، والخلاف فيها معتبر بين أهل السنة، ولم يتحدث الشيخ عن ترك جميع العمل، وإن كان السائل أراد هذا، لكن لا يخفى أن عبارة: (ترك أعمال الجوارح) تحتمل الترك الكلي، وتحتمل ترك البعض، والشيخ على كل تقدير، أجاب عن ترك البعض.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015