القسم الأول: أن يسأله سؤالاً مجرداً، فهذا حرام لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من أتى عرافاً ..... )) (?).، فإثبات العقوبة على سؤاله يدل على تحريمه، إذ لا عقوبة إلا على فعل محرم.

القسم الثاني: أن يسأله فيصدقه، ويعتبر قوله: فهذا كفر لأن تصديقه في علم الغيب تكذيب للقرآن، حيث قال تعالى: قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل: 65].

القسم الثالث: أن يسأله ليختبره: هل هو صادق أو كاذب، لا لأجل أن يأخذ بقوله، فهذا لا بأس به، ولا يدخل في الحديث.

وقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم ابن صياد، فقال: ((ماذا خبأت لك؟ قال: الدخ فقال: اخسأ، فلن تعدو قدرك)) (?) , فالنبي صلى الله عليه وسلم سأله عن شيء أضمره، لأجل أن يختبره، فأخبره به.

القسم الرابع: أن يسأله ليظهر عجزه وكذبه، فيمتحنه في أمور يتبين بها كذبه وعجزه، وهذا مطلوب، وقد يكون واجباً.

وإبطال قول الكهنة لا شك أنه أمر مطلوب، وقد يكون واجباً، فصار السؤال هنا ليس على إطلاقه، بل يفصل فيه هذا التفصيل على حسب ما دلت عليه الأدلة الشرعية الأخرى.

وقد ذكر شيخ الإسلام أن الجن يخدمون الإنس في أمور، والكهان يستخدمون الجن ليأتوهم بخبر السماء، فيضيفون إليه من الكذب ما يضيفون، وخدمة الجن للإنس ليست محرمة على كل حال، بل هي على حسب الحال.

فالجني يخدم الإنس في أمور لمصلحة الإنس، وقد يكون للجن فيها مصلحة، وقد لا يكون له فيها مصلحة، بل لأنه يحبه في الله ولله، ولا شك أن من الجن مؤمنين يحبون المؤمنين من الإنس، لأنه يجمعهم الإيمان بالله.

وقد يخدمونهم لطاعة الإنس لهم فيما لا يرضي الله ـ عز وجل ـ، إما في الذبح لهم، أو في عبادتهم، أو ما أشبه ذلك.

والأغرب من ذلك أنهم ربما يخدمون الإنس لأمر محرم من زنا أو لواط، لأن الجنية قد تستمتع بالإنسي بالعشق والتلذذ بالاتصال، أو بالعكس، وهذا أمر معلوم مشهود، حتى ربما كان الجني الذي في الإنسان ينطق بذلك، كما يعلم من الذين يقرؤون على المصابين بالجن.

والنبي صلى الله عليه وسلم حضر إليه الجن وخاطبهم وأرشدهم، ووعدهم بعطاء لا نظير له، فقال لهم: ((كل عظم ذكر اسم لله عليه تجدونه أوفر ما يكون لحماً، وكل بعرة، فهي علف لدوابكم)) (?) ... قوله: (فصدقه). ليس في (صحيح مسلم)، بل الذي في (مسلم): (فسأله، لم تقبل له صلاة أربعين ليلة)، وزيادتها في نقل المؤلف، إما لأن النسخة التي نقل منها بهذا اللفظ (فصدقه)، أو أن المؤلف عزاه إلى (مسلم) باعتبار أصله، فأخذ من (مسلم): (فسأله)، وأخذ من أحمد: (فصدقه).

قوله: (لم تقبل له صلاة أربعين ليلة). نفي القبول هنا هل يلزم منه نفي الصحة أولا؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015