ويقول الشوكاني: الحاصل أن هذا (أي: المعاد) أمر اتفقت عليه الشرائع، ونطقت به كتب الله عز وجل سابقها ولاحقها، وتطابقت عليه الرسل أولهم وآخرهم، ولم يخالف فيه أحد منهم، وهكذا اتفق على ذلك أتباع جميع الأنبياء من أهل الملل، ولم يسمع عن أحد منهم أنه أنكر ذلك قط، ولكنه ظهر رجل من اليهود زنديق، يقال له: موسى بن ميمون اليهودي الأندلسي؛ فوقع منه كلام في إنكار المعاد، واختلف كلامه في ذلك، فتارة يثبته، وتارة ينفيه، ثم هذا الزنديق لم ينكر مطلق المعاد، إنما أنكر بعد تسليمه للمعاد أن يكون فيه لذات حسية جسمانية، بل لذات عقلية روحانية، ثم تلقّى عنه من هو شبيه به من أهل الإسلام كابن سينا فقلّده، ونقل عنه ما يفيد أنه لم يأت في الشرائع السابقة على الشريعة الإسلامية إثبات المعاد، وتقليداً لذلك اليهودي الملعون الزنديق، مع أن اليهود قد أنكروا عليه هذه المقالة ولعنوه وسموه كافراً ... (?).
3 - وإذا تقرر ما سبق ذكره فإننا نشير لطرف من أقوال العلماء في حكم منكر البعث؛ فهذا ابن نجيم يقرر كفر من أنكر البعث (?)، وكذلك البدر الرشيد (?).
وقال الدردير المالكي: ويكفر إذا قال بتناسخ الأرواح، أي: إن من قال بأنّ من يموت تنتقل روحه إلى مثله، أو لأعلى منه إن كانت في مطيع، أو لأدنى منه، أو مثله إن كانت في عاصٍ فهو كافر؛ لأن فيه إنكار البعث (?).
وأورد الدسوقي نفس هذا الكلام في (حاشيته) (?)، وكذا عليش في (شرحه) (?).
ويقول الغزالي: فيجب تكفير من يغير الظاهر بغير برهان قاطع كالذي ينكر حشر الأجساد، وينكر العقوبات الحسّيّة في الآخرة بظنون وأوهام، واستبعادات من غير برهان قاطع، فيجب تكفيره قطعياً، إذ لا برهان على استحالة ردّ الأرواح إلى الأجساد، وذكر ذلك عظيم الضرر في الدين، فيجب تكفير كل من تعلق به ... (?).
ويذكر الشربيني إنكار البعث ضمن أنواع الردة (?)، وكذا ذكر ذلك قليوبي (?)، وابن حجر الهيتمي (?).
ويقول البهوتي: وإذا جحد البعث كفر، لتكذيبه للكتاب والسنة وإجماع الأمة. (?) نواقض الإيمان القولية والعملية لعبد العزيز بن محمد بن علي العبداللطيف - 223