ويقول أيضاً: إن الأمة مجمعة كلها بلا خلاف من أحدٍ منهم وهو أنَّ كلَّ من بدّل آيةً من القرآن عامداً وهو يدري أنها في المصحف بخلاف ذلك، أو أسقط كلمة عامداً كذلك، أو زاد فيها كلمة عامداً فإنه كافر بإجماع الأمة كلها (?).
ويقول القاضي عياض: اعلم أن من استخف بالقرآن، أو المصحف، أو بشيءٍ منه، أو سبّهما، أو جحده، أو حرفاً منه، أو آيةً، أو كذّب به، أو بشيءٍ منه، أو كذّب بشيءٍ مما صرّح به فيه من حكم أو خبر، أو أثبت ما نفاه فهو كافر عند أهل العلم بإجماعٍ، قال تعالى: لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت:42] (?).
... من كلام العلماء في هذه المسألة:-
يقول ابن حزم - في الرد على اعتراض النصارى بأن الروافض يزعمون أن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بدلوا القرآن ... : وأما قولهم في دعوى الروافض تبديل القرآن، فإن الروافض ليسوا من المسلمين (?).
وقال محمد بن إسماعيل الرشيد الحنفي: من استخف بالقرآن أو بالمسجد أو بنحوه مما يعظم في الشرع كفر، ومن وضع رجله على المصحف حالفاً استخفافاً كفر (?).
وذكر الدردير أن من موجبات الردة: إلقاء مصحف أو بعضه ولو كلمة، وكذا حرقه استخفافاً لا صوناً، ومثل إلقائه، وتركه بمكان قذر، ولو طاهراً كبصاق أو تلطيخه به ... ومثل المصحف: الحديث، وأسماء الله تعالى، وكتب الحديث، وكذا كتب الفقه إن كان على وجه الاستخفاف بالشريعة (?).
وقال النووي: الأفعال الموجبة للكفر هي التي تصدر عن تعمّد واستهزاء بالدين صريح، كإلقاء المصحف في القاذورات (?).
وقال قليوبي شارحاً قول النووي: قوله: (كإلقاء مصحف بقاذورة) بالفعل أو بالعزم والتردد فيه ومسه بها كإلقائه فيها، وألحق بعضهم به وضع رجله عليه ونُوزع فيه، والمراد بالمصحف: ما فيه قرآن ومثله الحديث، وكل علم شرعي وما عليه اسم معظم، قال شيخنا الرملي: ولا بُدّ في غير القرآن من قرينةٍ تدل على الإهانة وإلا فعلاً، وشملت القاذورة الطاهرة كبصاق ومخاط ومني (?).
وعدّ البهوتي من نواقض الإسلام ما يلي: أو وجد منه امتهان القرآن، أو طلب تناقضه، أو دعوى أنه مختلف، أو مقدور في مثله، أو إسقاط حرمته كفر؛ لقوله تعالى: لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ [الحشر:21]، وقوله: وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا [النساء:82]، وقوله: قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا [الإسراء:88] (?) نواقض الإيمان القولية والعملية لعبد العزيز بن محمد بن علي العبداللطيف –ص: 393