وحكى القرطبي التوقف عن حماد بن زيد، وحماد بن سلمة، وإسحاق ابن راهويه قال النووي: توقف فيه بعضهم لحديث عائشة، يعني الذي أخرجه مسلم بلفظ: ((توفي صبي من الأنصار، فقلت: طوبى له لم يعمل سوءاً ولم يدركه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أغير ذلك يا عائشة، إن الله خلق للجنة أهلاً ... )). (?) قال: (والجواب عنه أنه لعله نهاها عن المسارعة إلى القطع من غير دليل، أو قال ذلك قبل أن يعلم أن أطفال المسلمين في الجنة). (?) أقول: لعل الصواب أن الحديث يسير إلى أنه لا يجوز أن نجزم لواحد بعينه أنه من أهل الجنة، وإن كنا نشهد لهم مطلقاً بالجنة. والأمر الثاني هو عدم الهجوم على ذلك كي لا يتجرأ الناس على مثل هذا كما هو حاصل في زماننا، إذ يزعم نعاة الموتى أن ميتهم في الجنة، وإن كان أفسق الناس. يقول ابن تيمية رحمه الله تعالى: (لا يشهد لكل معين من أطفال المؤمنين بأنه في الجنة، وإن شهد لهم مطلقاً) (?) الجنة والنار لعمر بن سليمان الأشقر - ص197

وقال أبو المظفر السمعاني: (وأما اعتقاد أهل السنة في أمر الأطفال فهو ما نطق به الحديث من توقيف الأمر فيهم يفعل الله بهم ما يريد) (?).

والأظهر أن الله لا يعذبهم لقوله تعالى: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً [الإسراء: 15]، ولقوله صلى الله عليه وسلم: ((رُفع القلم عن ثلاثة: النائم حتى يستيقظ، والصبي حتى يحتلم، والمجنون حتى يفيق)) (?).

وقال النووي: (أجمع من يُعتد به من علماء المسلمين أن من مات من أطفال المسلمين فهو من أهل الجنة لأنه ليس مكلفا، وتوقف فيهم بعض من لا يعتد به لحديث عائشة هذا وأجاب العلماء عنه بأنه لعله نهاها عن المسارعة إلى القطع من غير أن يكون عندها دليل قاطع) (?). اعتقاد أهل السنة شرح أصحاب الحديث لمحمد بن عبد الرحمن الخميس – ص173

طور بواسطة نورين ميديا © 2015