قال شيخ الإسلام رحمه الله: (فالمحو والتكفير يقع بما يتقبل من الأعمال، وأكثر الناس يقصرون في الحسنات حتى في نفس صلاتهم. فالسعيد منهم من يكتب له نصفها، وهم يفعلون السيئات كثيراً؛ فلهذا يكفر بما يقبل من الصلوات الخمس شيء، والنوع الواحد من العمل قد يفعله الإنسان على وجه يكمل فيه إخلاصه وعبوديته لله فيغفر الله له به كبائر، كما في الترمذي وابن ماجه وغيرهما، عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يصاح برجل من أمتي يوم القيامة على رؤوس الخلائق، فينشر عليه تسعة وتسعون سجلاً، كل سجل منها مد البصر، فيقال هل تنكر من هذا شيئاً فيقول لا يا رب، فيقول: لا ظلم عليك، فتخرج له بطاقة قدر الكف، فيها شهادة أن لا إله إلا الله، فيقول: أين تقع هذه البطاقة مع هذه السجلات فتوضع هذه البطاقة في كفة، والسجلات في كفة، فثقلت البطاقة وطاشت السجلات)) (?).
فهذه حال من قالها بإخلاص وصدق كما قالها هذا الشخص، وإلا فأهل الكبائر الذين دخلوا النار كلهم كانوا يقولون لا إله إلا الله، ولم يترجح قولهم على سيئاتهم كما ترجح قول صاحب البطاقة). اهـ (?).
الشبهة الثالثة: استشهادهم بالنصوص المطلقة في دخول من شهد أن (لا إله إلا الله) الجنة:
ومما استشهد به المرجئة قديماً، ومن وقع في الإرجاء حديثاً:
1 - قوله تعالى: إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا [النساء: 48].
2 - عن عثمان رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة)) (?).
3 - وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، قال: ((كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسير فنفدت أزواد القوم حتى هم بنحر بعض حمائلهم، فقال عمر: يا رسول الله! لو جمعت ما بقي من أزواد القوم، فدعوت الله عليها. ففعل، فجاء ذو البر ببره، وذو التمر بتمره، - قال مجاهد: ذو النواة بنواه – قلت – أبو صالح: الراوي عن أبي هريرة رضي الله عنه -: وما كانوا يصنعون بالنوى؟ قال: كانوا يمصونه ويشربون عليه الماء، فدعا عليها، حتى ملأ القوم أزودتهم، فقال عند ذلك: أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد، غير شاك فيهما، إلا دخل الجنة)) (?).