2 - وقال أبو البقاء الكفوي: (المرجئة: هم الذين يحكمون بأن صاحب الكبيرة لا يعذب أصلا، وإنما العذاب للكفار. والمعتزلة جعلوا عدم القطع بالعقاب وتفويض الأمر إلى الله تعالى، يغفر إن شاء- على ما ذهب إليه أهل الحق- إرجاء، بمعنى أنه تأخير للأمر، وعدم الجزم بالثواب والعقاب، وبهذا الاعتبار، جعل أبو حنيفة من المرجئة) (?).
قلت: فهذا الظنُّ - مع الاعتقاد المخالف للسنَّة-، حمل هؤلاء على تبرئة أبي حنيفة من الإرجاء، ولو كان مصرحا بأن الإيمان هو الإقرار والتصديق فقط، وأنه لا يزيد ولا ينقص!
3 - وقال شيخ الإسلام معلقا على قول ابن الصلاح: (ثم إن اسم الإيمان يتناول ما فسر به الإسلام في هذا الحديث وسائر الطاعات؛ لكونها ثمرات للتصديق الباطن الذي هو أصل الإيمان ومقويات ومتممات وحافظات له):
(وقول القائل: (الطاعات ثمرات التصديق الباطن) يراد به شيئان:
يراد به أنها لوازم له، فمتى وجد الإيمان الباطن وجدت. وهذا مذهب السلف وأهل السنة.
ويراد به أن الإيمان الباطن قد يكون سببا، وقد يكون الإيمان الباطن تاما كاملا وهي لم توجد، وهذا قول المرجئة من الجهمية وغيرهم. وقد ذكرنا فيما تقدم أنهم غلطوا في ثلاثة أوجه ... ).
إلى أن قال: (وكثير من المتأخرين لا يميزون بين مذاهب السلف وأقوال المرجئة والجهمية؛ لاختلاط هذا بهذا في كلام كثير منهم ممن هو في باطنه يرى رأي الجهمية والمرجئة في الإيمان، وهو معظم للسلف وأهل الحديث، فيظن أنه يجمع بينهما، أو يجمع بين كلام أمثاله وكلام السلف) (?).
فهذا يبين أهمية الوقوف على مقالات المرجئة، وتمييزها عن مقالات أهل السنة، حتى لا يقع الخلط بينها. الإيمان عند السلف وعلاقته بالعمل وكشف شبهات المعاصرين لمحمد بن محمود آل خضير - 1/ 299