وهذه الشبهة التي أوقعتهم مع علم كثير منهم وعبادته وحسن إسلامه وإيمانه، ولهذا دخل في إرجاء الفقهاء جماعة هم عند الأمة أهل علم ودين، ولهذا لم يكفر أحد من السلف أحدا من مرجئة الفقهاء، بل جعلوا هذا من بدع الأقوال والأفعال، لا من بدع العقائد، فإن كثيرا من النزاع فيها لفظي، لكن اللفظ المطابق للكتاب والسنة هو الصواب. فليس لأحد أن يقول بخلاف قول الله ورسوله، لاسيما وقد صار ذلك ذريعة إلى بدع أهل الكلام من أهل الإرجاء وغيرهم، وإلى ظهور الفسق، فصار ذلك الخطأ اليسير في اللفظ سببا لخطأ عظيم في العقائد والأعمال، فلهذا عظم القول في ذم الإرجاء) (?).

شذوذ قول الكرامية:

وقد تبين مما سبق أن الكرامية جمعوا بين بدعة الإرجاء وإخراج العمل من الإيمان، وبين الشذوذ اللفظي في تسميتهم المنافق مؤمنا.

قال شيخ الإسلام مقارنا بين قول جهم في إخراج أعمال القلوب من الإيمان، وبين قول الكرامية: (وهذا القول شاذ - أي قول جهم - كما أن قول الكرامية الذين يقولون هو مجرد قول اللسان شاذ أيضا). إلى أن قال: (وقول ابن كرام فيه مخالفة في الاسم دون الحكم، فإنه وإن سمى المنافقين مؤمنين، يقول: إنهم مخلدون في النار، فيخالف الجماعة في الاسم دون الحكم. وأتباع جهم يخالفون في الاسم والحكم جميعا) (?). الإيمان عند السلف وعلاقته بالعمل وكشف شبهات المعاصرين لمحمد بن محمود آل خضير - 1/ 217

طور بواسطة نورين ميديا © 2015