وهذا ما اختاره الأشعري في أحد قوليه، قال شيخ الإسلام: (وقد ذكر الأشعري في كتابه الموجز قول الصالحي هذا وغيره، ثم قال: والذي أختاره في الأسماء قول الصالحي) (?).

ومن هؤلاء: بشر المريسي، وكان يزعم أن السجود للشمس ليس بكفر، ولا السجود لغير الله كفر، ولكنه عَلَم على الكفر؛ لأن الله بين أنه لا يسجد للشمس إلا كافر (?).

ومنهم: أبو معاذ التومني وأصحابه، وكان يقول: من قتل نبيا أو لطمه كفر، وليس من أجل اللطمة كفر، ولكن من أجل الاستخفاف والعداوة والبغض له (?).

قال ابن حزم في بيان مذهب الجهمية ومن وافقهم: (وقال هؤلاء: إن شتم الله وشتم رسول الله ليس كفرا، لكنه دليل على أن في قلبه كفرا) (?).

وقال: (وأما سب الله تعالى فما على ظهر الأرض مسلم يخالف في أنه كفر مجرد إلا أن الجهمية والأشعرية وهما طائفتان لا يعتد بهما يصرحون بأن سب الله تعالى وإعلان الكفر ليس كفرا. قال بعضهم: ولكنه دليل على أنه يعتقد الكفر، لا أنه كافر بيقين بسبه الله تعالى. وأصلهم في هذا أصل سوء خارج عن إجماع أهل الإسلام، وهو أنهم يقولون: الإيمان هو التصديق بالقلب فقط وإن أعلن بالكفر وعبادة الأوثان بغير تقية ولا حكاية، لكن مختارا ذلك في الإسلام.

قال أبو محمد: وهذا كفر مجرد؛ لأنه خلاف لإجماع الأمة ولحكم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وجميع الصحابة ومن بعدهم، لأنه لا يختلف أحد لا كافر ولا مؤمن في أن هذا القرآن هو الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، وذكر أنه وحي من الله تعالى- وإن كان قوم كفار من الروافض ادعوا أنه نقص منه وحرف-، فلم يختلفوا أن جملته كما ذكرنا، ولم يختلفوا في أن فيه التسمية بالكفر، والحكم بالكفر قطعا على من نطق بأقوال معروفة، كقوله تعالى: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ [المائدة:72]، وقوله تعالى: وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ [التوبة:74]، فصح أن الكفر يكون كلاما.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015