1 - أن هذا سؤال فاسد، لأن معناه إنكار أن يكون لله تعالى أية حكمة في خلق السموات والأرض، وخلق البشر, لأن العلم السابق كاف في ثبوت هذه الحكم, وهذا من أبطل الباطل.
وظهور ما لله تعالى من الحكم في خلقه وفي تعريض عباده للابتلاء والامتحان هي حكم عظيمة جليلة لا تحصى, إنما يتم ذلك بوقوعه كما قدره الله, ولا يمكن أن يقال إنها حاصلة بدون ذلك.
2 - وإقامة الحجة على العباد لا يمكن أن تتم إلا بعد إيجادهم، وتمكينهم وتبيين طرق الهدى لهم، بإرسال الرسل وإنزال الكتب، حتى يعرفوا طريق الهدى وطريق الشر، فيختاروا أحد الطريقين، وبعد ذلك ينالوا جزاءهم في الدار الآخرة إما النعيم وإما العذاب ولو لم يقع الابتلاء والامتحان في الدنيا ثم عوقبوا في الآخرة على مقتضى القدر لاحتجوا على الله.
والقول بأن العلم السابق كاف في وقوع المقدور قد بينا بطلانه في الرد على السؤال الثاني.
3 - والله سبحانه وتعالى (أبرز خلقه من العدم إلى الوجود ليجري عليهم أحكام أسمائه وصفاته, فيظهر كماله المقدس وإن كان لم يزل كاملاً فمن كماله ظهور آثار كماله في: خلقه، وأمره, وقدره, ووعده, ووعيده, ومنعه, وإعطائه, وإكرامه, وإهانته ... ) (?).
هذه هي أهم الأسئلة التي وردت وترد في باب القدر، ناقشناها وبينا وجه الحق فيها، وإن كانت هناك أسئلة أخرى فهي إما راجعة إلى أحد الأسئلة التي ذكرناها، أو أنها ضعيفة لا تستحق الرد، أو أنها جاءت اعتراضاً على المذاهب المنحرفة في القدر, ولا تأتي على مذهب السلف أهل السنة والجماعة.
القضاء والقدر لعبدالرحمن بن صالح المحمود -بتصرف - ص 271 - 290