(فـ) ما شئت كان وإن لم أشأ ... وما شئت إن لم تشأ لم يكن
خلقت العباد على ما علمت ... ففي العلم يجري الفتى والمسن
على ذا مننت وهذا خذلت ... وهذا أعنت وذا لم تعن
فمنهم شقي ومنهم سعيد ... ومنهم قبيح ومنهم حسن
وعلى نحو قول الشافعي رضي الله عنه في إثبات القدر لله, ووقوع أعمال العباد بمشيئته, درج أعلام الصحابة والتابعين وإلى مثل ذلك ذهب فقهاء الأمصار: الأوزاعي, ومالك بن أنس, وسفيان الثوري, وسفيان بن عيينة, والليث بن سعد, وأحمد بن حنبل, وإسحاق بن إبراهيم وغيرهم رضي الله عنهم, وحكينا عن أبي حنيفة رحمه الله مثل ذلك, وهو فيما أخبرنا أبو عبدالله الحافظ قال: سمعت أبا بكر محمد بن جعفر المزكي يقول: نا أبو العباس أحمد بن سعيد بن مسعود المري قال: نا سعد بن معاذ قال: ثنا إبراهيم بن رستم قال: سمعت أبا عصمة يقول: سألت أبا حنيفة من أهل الجماعة قال: من فضل أبا بكر وعمر، وأحب عليًّا وعثمان، وآمن بالقدر خيره وشره من الله ... ) (?).
- ويقول الإمام أبو عثمان إسماعيل بن عبدالرحمن الصابوني في رسالته (عقيدة السلف أصحاب الحديث): (ومن قول أهل السنة والجماعة في أكساب العباد أنها مخلوقة لله تعالى لا يمترون فيه، ولا يعدون من أهل الهدى ودين الحق من ينكر هذا القول وينفيه، ويشهدون أن الله تعالى يهدي من يشاء, ويضل من يشاء, لا حجة لمن أضله الله عليه, ولا عذر له لديه .. ويشهد أهل السنة ويعتقدون أن الخير والشر والنفع والضر بقضاء الله وقدره لا مرد لهما، ولا محيص ولا محيد عنهما، ولا يصيب المرء إلا ما كتبه له ربه .. ومن مذهب أهل السنة وطريقتهم مع قولهم بأن الخير والشر من الله، وبقضائه لا يضاف إلى الله ما يتوهم منه نقص على الانفراد فلا يقال: يا خالق القردة والخنازير والخنافس والجعلان، وإن كان لا مخلوق إلا والرب خالقه .. ومن مذهب أهل السنة والجماعة أن الله عز وجل مريد لجميع أعمال العباد، خيرها وشرها، لم يؤمن أحد إلا بمشيئته, ولم يكفر أحد إلا بمشيئته, ولو شاء لجعل الناس أمة واحدة، ولو شاء ألا يعصى ما خلق إبليس, فكفر الكافرين، وإيمان المؤمنين، بقضائه سبحانه وتعالى وقدره, وإرادته ومشيئته، أراد كل ذلك وشاءه وقضاه, ويرضى الإيمان والطاعة, ويسخط الكفر والمعصية) (?).
- ويقول الإمام ابن قتيبة رحمه الله: (وعدل القول في القدر أن تعلم أن الله عدل لا يجور, كيف خلق, وكيف قدر، وكيف أعطى، وكيف منع, وأنه لا يخرج من قدرته شيء, ولا يكون في ملكوته من السموات والأرض إلا ما أراد, وأنه لا دين لأحد عليه، ولا حق لأحد قبله، فإن أعطى فبفضل، وإن منع فبعدل، وإن العباد يستطيعون ويعملون، ويجزون بما يكسبون، وإن لله لطيفة يبتدئ بها من أراد, ويتفضل بها على من أحب، يوقعها في القلوب فيعود بها إلى طاعته، ويمنعها من حقت عليه كلمته، فهذه جملة ما ينتهي إليه علم ابن آدم من قدر الله عز وجل, وما سوى ذلك مخزون عنه) (?) القضاء والقدر لعبدالرحمن بن صالح المحمود – ص: 249 - 254