1 - من أوضح أدلة هذه المرتبة ما رواه عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: وكان عرشه على الماء)) (?) فالدليل من الحديث قوله: ((كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض)).
2 - وفي الحديث الطويل الذي رواه علي رضي الله عنه بيان أن كل نفس قد كتب مكانها من الجنة والنار, وقد كتبت شقية أو سعيدة ونصه: قال: ((كنا في جنازة في بقيع الغرقد، ومعه مخصرة فنكس, فجعل ينكت بمخصرته، ثم قال: ما منكم من أحد, ما من نفس منفوسة إلا وكتب الله مكانها من الجنة والنار, وإلا وقد كتبت شقية أو سعيدة قال: فقال رجل: يا رسول الله, أفلا نمكث على كتابنا وندع العمل؟ فقال: من كان من أهل السعادة فسيصير إلى عمل أهل السعادة, ومن كان من أهل الشقاوة فسيصير عمل أهل الشقاوة, فقال: اعملوا فكل ميسر, أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة, وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة ثم قرأ: فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى [الليل: 5 - 10])) (?) وهذا دليل واضح على الكتابة السابقة ومنها كتابة أهل الجنة وأهل النار.
3 - وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يبين أن ما مضت به المقادير، وسبق علم الله به، قد تمت كتابته في اللوح المحفوظ، وجف القلم الذي كتب به، وامتنعت فيه الزيادة والنقصان، فعن جابر رضي الله عنه قال: ((جاء سراقة بن مالك بن جعشم -رضي الله عنه- قال: يا رسول الله, بيِّن لنا ديننا كأنا خلقنا الآن، فيم العمل اليوم؟ أفيما جفت به الأقلام, وجرت به المقادير، أم فيما نستقبل؟ قال: لا، بل فيما جفت به الأقلام, وجرت به المقادير, قال: ففيم العمل؟ قال زهير: ثم تكلم أبو الزبير بشيء لم أفهمه, فسألت ما قال؟ فقال: اعملوا فكل ميسر)) (?).