المطلب الثاني: القدر لغة

قدر: (القاف والدال والراء أصل صحيح يدل على مبلغ الشيء وكنهه ونهايته)

وهو بتسكين الدال وفتحها مع فتح القاف, وقد نقل الصغاني عن الفراء أنه قد يأتي بضم القاف (قدر) ولما كان لفظ القدر يأتي بسكون الدال وفتحها قال اللحياني: إن القدر – بالفتح - الاسم، والقدر- بالسكون - المصدر ويطلق القدر على الحكم والقضاء, ومن ذلك حديث الاستخارة وفيه: ((فاقدره لي ويسره لي)).

والقدر، بتحريك الدال وإسكانها، الطاقة ومن ذلك قوله تعالى: عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ [البقرة:236] بفتح الدال، وقرئ بإسكانها.

ويأتي القدر بمعنى التضييق، ومنه قوله تعالى: وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ [الفجر:16] وعليه فسر قوله –تعالى- عن يونس-عليه السلام-: فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ الأنبياء: 87 [أي: لن نضيق عليه.]

وقدرت الشيء أقدره من التقدير، ومنه الحديث: ((فإن غم عليكم فاقدروا له)) (?) أي: قدروا له عدد الشهر حتى تكملوه ثلاثين يومياً، وقيل: قدروا له منازل القمر، فإنه يدلكم على أن الشهر تسع وعشرون أو ثلاثون (?).

وقدر كل شيء ومقداره: مقياسه، يقال قدره به قدراً إذا قاسه، والقدر من الرحال والسروج: والوسط، وقدرت الشيء قدارة، أي: هيأت ووقت، ومنه قول الأعشى:

فأقدر بذرعِك بيننا ... إن كنت بوَّأْتَ القدارة

والقدرة، اليسار، والغنى، والقوة (?).

هذه هي أهم المعاني لـ (القدر) في اللغة. وهناك معان أخرى جانبية تعرضت لها كتب اللغة (?).

ويتبين مما سبق ما بين المعنى اللغوي لكل من القضاء والقدر والمعنى الشرعي - كما سيأتي - من رابط قوي، فكل منهما يأتي بمعنى الآخر، ومن معاني القضاء ترجع إلى إحكام الأمر وإتقانه وإنفاذه، ومن معانيه الأمر، والحكم، والإعلام، كما أن معاني القدر ترجع إلى التقدير، والله سبحانه وتعالى قدر مقادير الخلق، فعلمها وكتبها وشاءها وخلقها، وهي مقضية ومقدرة فتقع حسب أقدارها، ويتبين من خلال ذلك ما بين معنى القضاء والقدر في اللغة والشرع من ترابط. القضاء والقدر لعبدالرحمن بن صالح المحمود - ص: 27

طور بواسطة نورين ميديا © 2015