المبحث الثالث: وجوب الإيمان بالميزان, وإجماع الأمة على ذلك

بعد أن ثبت ذكر الميزان في كتاب الله تعالى وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم؛ لم يبق مجال لوجود أدنى شك في إنكاره.

وقد تلقى المسلمون الإيمان بوقوعه, ولم يخالف فيه أحد ممن يعتد بقوله في الإسلام وقد جعله الرسول صلى الله عليه وسلم من الأمور التى تعد من ضروريات الإيمان بالله كما في حديث جبريل عليه السلام في رواية الإمام أحمد, حينما قال له:

)) يا رسول الله ما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله, واليوم الآخر, والملائكة, والكتاب, والنبيين والموت, والحياة بعد الموت, والجنة, والنار, والحساب والميزان, والقدر كله, خيره وشره, قال: فإذا فعلت ذلك آمنت؟ قال: نعم)) (?).

قال ابن بطة في الإبانة:

وقد اتفق أهل العلم بالأخبار والعلماء الزهاد العباد في جميع الأمصار: أن الإيمان بذلك _ يعنى الميزان _ واجب لازم. (?).

ويقول السفاريني: والحاصل: أن الإيمان بالميزان _ كأخذ الصحف _ ثابت بالكتاب والسنة والإجماع (?).

وقد ترجم البرديسي لثبوته بقوله:

باب: في الموازين والكتب. ثم قال: اعلم أن الموازين حق ثابت بالكتاب والسنة وإجماع الأمة (?).

وقد بوب البخاري على إثبات الميزان وما يوزن فيه بقوله:

باب: قوله تعالى: وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ [الأنبياء: 47] وأن أعمال بني آدم وقولهم يوزن (?).

ومعلوم أن المراد بالميزان _ فيما تقدم _ هو الميزان الحقيقي المعلوم بلسان العرب, الذى توزن به الأشياء, لا الميزان بمعنى العدل أو غيره, كما ذهب إليه من شذ قوله.

وقال سفيان بن عيينة: (السنة عشرة, فمن كن فيه فقد استكمل السنة, ومن ترك منها شيئاً فقد ترك السنة: إثبات القدر, وتقديم أبي بكر وعمر, والحوض, والشفاعة, والميزان, والصراط) (?).

وقال الإمام أحمد بن حنبل: أصول السنة عندنا: التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهم. إلى أن يقول: والإيمان بالميزان (?).

وهو ما قاله أيضاً شيخه علي بن المديني.

وهناك أقوال كثيرة لأهل العلم في إثبات ميزان الأعمال إثباتاً حقيقياً كما أثبته الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم. الحياة الآخرة لغالب عواجي- 2/ 1101

طور بواسطة نورين ميديا © 2015