قال الشيخ العلامة محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في (أضواء البيان) (?): (وقد دل استقراء القرآن العظيم على أن توحيد الله ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: توحيده في ربوبيته.
الثاني: توحيده جل وعلا في عبوديته.
النوع الثالث: توحيده جل وعلا في أسمائه وصفاته).
وقال الشيخ بكر أبو زيد حفظه الله: (هذا التقسيم الاستقرائي لدى متقدمي علماء السلف أشار إليه ابن منده وابن جرير الطبري وغيرهما وقرره شيخا الإسلام ابن تيمية وابن القيم، وقرره الزبيدي في تاج العروس، وشيخنا الشنقيطي في (أضواء البيان) وآخرين رحم الله الجميع، وهو استقراء تام لنصوص الشرع، وهو مطرد لدى أهل كل فن، كما في استقراء النحاة كلام العرب إلى اسم وفعل وحرف، والعرب لم تفه بهذا، ولم يعتب على النحاة في ذلك عاتب، وهكذا من أنواع الاستقراء (?).
وهذا التقسيم موجود مع بداية التصنيف والتدوين لمسائل العقيدة ومن الأدلة على ذلك بعض النصوص الواردة عن السلف في بيان ذلك:
النص الأول: للإمام أبي عبد الله عبيد الله بن محمد بن بطة العكبري حيث قال في كتابه (الإبانة) ما نصه: ( ... وذلك أن أصل الإيمان بالله الذي يجب على الخلق اعتقاده في إثبات الإيمان به ثلاثة أشياء:
أحدها: أن يعتقد العبد ربانيته ليكون بذلك مباينا لمذاهب أهل التعطيل الذين لا يثبتون صانعا.
والثاني: أن يعتقد وحدانيته ليكون مباينا بذلك مذاهب أهل الشرك الذين أقروا بالصانع وأشركوا معه في العبادة غيره.
والثالث: أن يعتقده موصوفا بالصفات التي لا يجوز إلا أن يكون موصوفا بها من العلم والقدرة والحكمة وسائر ما وصف به نفسه في كتابه .. (?)) وكلامه هذا صريح في أن أصل الإيمان بالله وتوحيده مبني على هذه الأمور الثلاثة فسمى الأول اعتقاد الربانية والثاني اعتقاد الوحدانية والثالث اعتقاد اتصافه بالصفات العلى اللازمة لكمال الله سبحانه وتعالى.
والنص الثاني: للإمام الحافظ أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن يحيى بن منده رحمه الله حيث فصل وبوب في كتابه القيم: (كتاب التوحيد) في الأقسام الثلاثة للتوحيد فمن تبويباته:
1 - ذكر ما وصف الله عز وجل به نفسه ودل على وحدانيته عز وجل وأنه أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد.
2 - ذكر معرفة بدأ الخلق.
3 - ذكر معرفة أسماء الله عز وجل الحسنة التي تسمى بها وأظهرها لعباده للمعرفة والدعاء والذكر - وأبواب أخرى كثيرة فمن أراد الوقوف عليها فليرجع إلى الكتاب المذكور.
ولذلك وصف الكتاب ومباحثه محققه الدكتور علي الفقيهي بقوله:
(قسم المؤلف التوحيد إلى أربعة أقسام حيث جعل أسماء الله الحسنى قسما مستقلا ثم أتبعها بالصفات، وأقسام التوحيد الذي ذكرها هي:
الوحدانية في الربوبية.
توحيد الألوهية وهو تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله.
توحيد أسماء الله الحسنى.
وقد سبق هذين الإمامين إمام الأئمة أبو بكر بن خزيمة رحمه الله في تصنيف كتاب مستقل في توحيد المعرفة والإثبات وسماه كتاب (التوحيد وإثبات صفات الرب عز وجل).