الفصل الثالث: معرفة الله

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

معرفة الله قسمان:

1 – معرفة وجود ومعاني، وهذا هو المطلوب منا.

2 – ومعرفة كنه وحقيقة، وهذا غير مطلوب منا لأنه مستحيل.

يعني: لو قال قائل: تعرف الله مثلا: تعرف حقيقة ذاته وحقيقة صفاته؟ لكان الجواب: لا، لا نعلم ذلك وليس مطلوب منا والوصول إلى ذلك مستحيل، فالمطلوب إذن معرفة الذات بالوجود ومعرفة الصفات بالمعاني، أما معرفة الكنه والحقيقة فهذا مما لا يعلمه إلا الله عز وجل، فصار قول المؤلف في معرفة الله لا بد فيه من هذا التسديد، قوله: (أول واجب على العبيد): أول واجب على الإنسان أن يعرف الله، وقالوا: المراد أول واجب لذاته، وأما أول واجب لغيره فهو النظر والتدبر الموصل إلى معرفة الله، فالعلماء قالوا: أول ما يجب على الإنسان أن ينظر فإذا نظر وصل إلى غاية وهي المعرفة فيكون النظر أول واجب لغيره، والمعرفة أول واجب لذاته، وقال بعض أهل العلم: إن النظر لا يجب لا لغيره ولا لذاته، لأن معرفة الله عز وجل معلومة بالفطرة، والإنسان مجبول عليها ولا يجهل الله عز وجل إلا من اجتالته الشياطين ولو رجع الإنسان إلى فطرته لعرف الله دون أن ينظر أو يفكر، قالوا: ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ((كل مولود يولد على الفطرة)) (?) وقوله سبحانه في الحديث القدسي: ((إني خلقت عبادي حنفاء، فاجتالتهم الشياطين)) (?) فصار الصارف عن مقتضى الفطرة حادث وارد على فطرة سليمة، فأول ما يولد الإنسان يولد على الفطرة ولو ترك ونفسه في أرض برية ما عبد غير الله، ولو عاش في بيئة مسلمة ما عبد غير الله، وحينئذ تكون عبادته لله، إذا عاش في بيئة مسلمة يكون المقوم لها شيئين: وهما الفطرة والبيئة، لكن إذا عاش في بيئة كافرة فإنه حينئذ يحدث عليه هذا المانع لفطرته من الاستقامة، لقوله صلى الله عليه وسلم: ((فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)) (?)، إذن معرفة الله عز وجل لا تحتاج إلى نظر في الأصل، ولهذا عوام المسلمين الآن هل هم فكروا ونظروا في الآيات الكونية والآيات الشرعية حتى عرفوا الله أم عرفوه بمقتضى الفطرة؟ ولا شك أن للبيئة تأثيراً، ما نظروا بل إن بعض الناس – والعياذ بالله – إذا نظر وأمعن ودقق وتعمق وتنطع ربما يهلك، كما قال صلى الله عليه وسلم: ((هلك المتنطعون هلك المتنطعون هلك المتنطعون)) (?)،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015