وقال سبحانه في نوح: قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَارًا فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلا فِرَارًا وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا [نوح: 5 - 10]. وقال سبحانه عن قوم نوح: قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللهُ إِن شَاء وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ [هود: 32 - 33]. وأما موسى عليه السلام فهو كليم الله اشتهر من بين الأنبياء بهذه الحلية قال سبحانه: وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيمًا [النساء: 164]. وقال سبحانه: وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ [الأعراف: 143 - 144]. وقد ورد ذكر تكليم الله موسى في مواضع من كتاب الله. وهو عليه السلام المعني في قوله سبحانه: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللهُ في قول كافة المفسرين، وقد ثبت تكليم الله آدم عليه السلام في كتاب الله، في نحو قوله سبحانه: قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ [البقرة: 33]. وقوله: وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ [البقرة: 35]. وقوله: فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى [طه: 117]. وما بعدها، وظاهر هذا أنه كان كفاحاً بغير واسطة الملك (?). وفي حديث أبي ذر في عدد الأنبياء والرسل المتقدم ذكره أنه سأله النبي صلى الله عليه وسلم عن آدم: أنبي مكلم هو؟ فقال: ((نعم نبي مكلم)) (?). قال ابن عطية: (وقد تأول بعض الناس أن تكليم آدم كان في الجنة فعلى هذا تبقى خاصية موسى) (?). وقد حمل بعضهم قوله سبحانه في سورة النجم: فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى على أن الله أوحى إلى محمد ليلة المعراج كفاحاً بلا واسطة (?) فيكون تكليماً، وحمله آخرون على أن الله أوحى إلى محمد بواسطة جبريل (?)