3 - اعتقاد فضلهم على غيرهم من الناس، وأنه لا يبلغ منزلتهم أحد من الخلق مهما بلغ من الصلاح والتقوى, إذ الرسالة اصطفاء من الله يختص الله بها من يشاء من خلقه, ولا تنال بالاجتهاد والعمل. قال تعالى: اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ [الحج: 75]. وقال تعالى: وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ [الأنعام: 83]. إلى أن قال بعد ذكر طائفة كبيرة من الأنبياء والمرسلين: وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ [الأنعام: 86] ........... كما دلت السنة أيضًا على أن منزلة الرسل لا يبلغها أحد من الخلق لما رواه الشيخان من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لا ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى)) (?) وفي رواية للبخاري: ((من قال أنا خير من يونس بن متى فقد كذب)) (?). قال بعض شراح الحديث: (إنه صلى الله عليه وسلم قال هذا زجرًا أن يتخيل أحد من الجاهلين شيئًا من حط مرتبة يونس صلى الله عليه وسلم من أجل ما في القرآن العزيز من قصته). وبيّن العلماء: (أن ما جرى ليونس صلى الله عليه وسلم لم يحطه من النبوة مثقال ذرة, وخص يونس بالذكر لما ذكر الله من قصته في القرآن الكريم كقوله تعالى: وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ [الأنبياء: 87، 88]. وقوله تعالى: وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ... الآيات [الصافات: 139 - 148]).

4 - اعتقاد تفاضلهم فيما بينهم وأنهم ليسوا في درجة واحدة بل فضل الله بعضهم على بعض. قال تعالى: تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ [البقَرة: 253]. قال الطبري في تفسير الآية: (يقول تعالى ذكره: هؤلاء رسلي فضلت بعضهم على بعض، فكلمت بعضهم كموسى صلى الله عليه وسلم, ورفعت بعضهم درجات على بعض بالكرامة ورفعة المنزلة). فإنزال كل واحد منهم منزلته في الفضل والرفعة بحسب دلالات النصوص من جملة حقوقهم على الأمة.

5 - الصلاة والسلام عليهم فقد أمر الله الناس بذلك وأخبر الله بإبقائه الثناء الحسن على رسله وتسليم الأمم عليهم من بعدهم. قال تعالى عن نوح: وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ [الصافات: 78، 79]. وقال عن إبراهيم: وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ [الصافات: 108، 109]. وقال عن موسى وهارون: وَتَرَكْنَا عَلَيْهِمَا فِي الْآخِرِينَ سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ [الصافات: 119، 120].

وقال تعالى: وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ [الصافات: 181]. قال ابن كثير: (قوله تعالى سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ [الصافات: 79] مفسرًا لما أبقى عليه من الذكر الجميل والثناء الحسن أنه يسلم عليه جميع الطوائف). وقد نقل الإمام النووي إجماع العلماء على جواز الصلاة على سائر الأنبياء واستحبابها. قال: (أجمعوا على الصلاة على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. وكذلك أجمع من يعتد به على جوازها على سائر الأنبياء والملائكة استقلالاً, وأما غير الأنبياء فالجمهور على أنه لا يصلى عليهم ابتداء).

فهذه طائفة مما يجب للرسل من حقوق على هذه الأمة مما دلت عليه النصوص وقرره أهل العلم. والله تعالى أعلم. أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة لنخبة من العلماء - بتصرف – ص163

طور بواسطة نورين ميديا © 2015