المبحث الثاني: كلام الله في كتابه هو الحروف والمعاني

قال العلامة حافظ الحكمي –رحمه الله في شرح قوله من منظومة (سلم الوصول):

وَالْقَوْلُ في كِتَابِهِ المُفَصَّلْ ... بِأنَّهُ كَلامُهُ الْمُنَزَّلْ

قال: (والقول) الذي نعتقده وندين به (في) شأن (كتابه المفصلْ) بسكون اللام للروي وهو القرآن وصفه الله تعالى بذلك فقال: كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِير [هود:1] وقال الله تعالى: كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيَّا [فصلت:3] وقال الله تعالى: أَفَغَيْرَ الله أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الذِّي نَزَّلَ إِلَيْكُمْ الكِتَابَ مُفَصَلا [الأنعام:114] وغير ذلك من الآيات (بأنه كلامه) حقيقة حروفه ومعانيه ليس كلامه الحروف دون المعاني ولا المعاني دون الحروف قال الله تعالى: وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ المُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ الله [التوبة:6] وقال الله تعالى: سَيَقُولُ المُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إلى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ الله قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ الله مِنْ قَبْل [الفتح:15] وروى ابن خزيمة عن نيار بن مكرم الأسلمي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه قال: لما نزلت الَمِ. غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيُغْلَبُون [الروم:1 - 2] إلى آخر الآيتين خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقول: بسم الله الرحمن الرحيم الَمِ غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيُغْلَبُون فِي بِضْعِ سِنِين [الروم:1 - 2] فقال رؤساء مشركي مكة: يا ابن أبي قحافة هذا مما أتى به صاحبك؟ قال لا والله, ولكنه كلام الله وقوله, وذكر الحديث (?). وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقبل المصحف ويقول: كلام ربي كلام ربي (?). وعن عمر رضي الله عنه قال: (إن هذا القرآن كلام الله فضعوه على مواضعه) (?). وقال خباب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تقرب إلى الله بما استطعت فإنك لن تقرب إلى الله بشيء أحب إليه من كلامه) (?). وقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: (القرآن كلام الله, فمن رد منه شيئا فإنما يرد على الله) (?). وعنه رضي الله عنه قال: (إن أحسن الكلام كلام الله) (?) فهذه النصوص من الكتاب والسنة وإجماع الأمة على أن القرآن كلام الله تكلم به حقيقة وأنه هو الذي قال تبارك وتعالى: الَمِ, اَلَمِصَ, الَمِرَ, كَهَيَعِصَ, طَهَ, طَسِ, طَسِمِ, حَمِ, عِسِقَ وليس كلام الله المعاني دون الحروف ولا الحروف دون المعاني, بل حروفه ومعانيه عين كلام الله. معارج القبول بشرح سلم الوصول لحافظ بن أحمد الحكمي -1/ 325

طور بواسطة نورين ميديا © 2015