الشبهة الثالثة: زعم الرافضة أن القرآن تعرض لتحريف شديد من قبل الصحابة أثناء عملية الجمع، وأن عثمان رضي الله عنه قد أسقط منه خمسمائة حرف (?) حتى قام أحد مشاهير الشيعة، وهو الحاج ميرزا حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي بتأليف كتاب في ذلك، سماه: (فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب)، جمع فيه مئات النصوص عن علماء الشيعة ومجتهديهم في مختلف العصور، بأن القرآن الكريم قد زيد فيه ونقص منه (?) وذكر هاشم البحراني – وهو أحد علماء الشيعة – في كتابه: (البرهان). نصوصاً كثيرة يستدل بها على أن القرآن لم يجمعه إلا الأئمة، أي أئمة الشيعة الاثنا عشر (?)، وقد روى أحاديث في تحريف القرآن، منها: (لو قرئ القرآن كما أنزل لألفيتنا فيه مسمين) (?) ومنها: (لولا أن زيد في كتاب الله ونقص منه ما خفي حقنا على ذي الحجى) (?).
والجواب على هذه الشبهة، من وجوه:
الأول: أن هذا الزعم مخالف لإجماع الصحابة والمسلمين في كل عصر، والعادة تمنع تواطؤ هذه الجموع المتكاثرة، على الكذب والافتراء.
الثاني: أن علي بن أبي طالب داخل في هذا الإجماع، ولو قدر أنه سكت عن إظهار الحق تقية، فلا يجوز له ذلك بعد أن أفضت إليه الخلافة، وصار الأمر بيده (?).
الثالث: هذا الزعم مخالف لحفظ الله تعالى للقرآن: نصاً وعقلاً وحساً، أما النص فقوله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر: 9]. وأما العقل: فإن الله تعالى قدر أن تكون رسالة محمد صلى الله عليه وسلم هي الخاتمة، فمحال أن تتعرض للتحريف والتبديل؛ لأنه خلاف الحكمة والتقدير.
أما الحس: فهو يشهد بأن الذي في أيدي عامة المسلمين اليوم، هو القرآن الكريم، فكيف يكون القرآن الحق عند قلة من الناس، والمحرف عند الأكثرية منهم! وهو مع ذلك الكتاب المهيمن، والناسخ لجميع الشرائع المتقدمة (?). منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد عند أهل السنة والجماعة لعثمان علي حسن– 1/ 65