المبحث الأول: معنى القرآن في اللغة

القرآن من مادة قرأ، ومنه قرأت الشيء، فهو قرآن: أي جمعته، وضممت بعضه إلى بعض، فمعناه: الجمع والضم. ومنه قولهم: ما قرأت هذه الناقة سلى قط، وما قرأت جنيناً، أي لم تضم رحمها على ولد (?). قال أبو عبيدة -رحمه الله-: ( ... وإنما سمي قرآناً لأنه يجمع السور فيضمها، وتفسير ذلك في آية من القرآن، قال الله -جل ثناؤه-: إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ [القيامة: 17] ... تأليف بعضه إلى بعض ... ) ثم قال: وفي آية أخرى: فَإِذَا قَرَأْتَ القُرْآَنَ [النحل: 98] ... إذا تلوت بعضه في إثر بعض، حتى يجتمع، وينضم بعضه إلى بعض، ومعناه: يصير إلى معنى التأليف والجمع، ثم استشهد على هذا المعنى، بقول عمرو بن كلثوم:

ذراعي حرة أدماء بكر ... هجان اللون لم تقرأ جنيناً (?)

أي لم تضم في رحمها ولداً قط (?) فسمي القرآن قرآناً، لأنه جمع القصص، والأمر والنهي، والوعد والوعيد، والآيات والسور: بعضها إلى بعض (?).

ويذكر أبو بكر الباقلاني: أن القرآن يكون مصدراً واسماً: مصدراً كما في قوله تعالى: إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ [القيامة: 17]، واسماً كما في قوله (تعالى): وَإِذَا قَرَأْتَ القُرْآَنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالآَخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا [الإسراء: 45] (?).

ويروى عن الشافعي رحمه الله: (أن القرآن اسم علم لكتاب الله، غير مشتق: كالتوراة، والإنجيل) (?). قال القرطبي رحمه الله: (والصحيح الاشتقاق في الجميع) (?) أي في القرآن والتوراة والإنجيل. منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد عند أهل السنة والجماعة لعثمان علي حسن- 1/ 53

طور بواسطة نورين ميديا © 2015