هناك نصوص يتشبث بها القائلون بعدم وقوع الشرك في هذه الأمة، ويزعمون دلالتها على خلاف ما ذهبنا إليه مما دلت عليه الأدلة، ويؤكده الواقع من أن الشرك يقع في هذه الأمة.
ومن أشهر هذه النصوص التي يستدلون بها ما يلي:
1 - قوله صلى الله عليه وسلم: ((والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي، ولكن أخاف عليكم أن تنافسوا فيها ... )) (?).
وجه الاستدلال: أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما خاف علينا الشرك فكيف يقع الشرك في هذه الأمة؟ (?).
ويجاب عن هذه الشبهة بما أجاب به الحافظ ابن حجر في (الفتح)، حيث قال في شرح الحديث:
أ- (أي على مجموعكم، لأن ذلك قد وقع من البعض، أعاذنا الله تعالى منها) (?).
ب- أو يقال: إنه في الصحابة خاصة، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((عليكم)). قال الحافظ في (الفتح): (فيه إنذار بما سيقع فوقع كما قال صلى الله عليه وسلم ... وأن الصحابة لا يشركون بعده، فكان كذلك، ووقع ما أنذر به من التنافس في الدنيا) (?).
ج- أو يقال: (لعل النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك قبل أن يعلم ويوحى إليه بأن طوائف من الأمة سوف يضلون ويشركون) (?).
ومن هذه الشبه أيضاً:
2 - قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يجتمع دينان في جزيرة العرب)) (?).
وجه الاستدلال: (إن هذه البلاد بفضل الله طاهرة من كل رجس سالمة من كل شرك بإخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم) (?).
ويجاب عن هذه الشبهة: بأن هذا الفهم الذي ذكره هذا المفتون لم يفهمه المحدثون ولا السابقون الأولون، بل المعنى الذي فهموا منه هو النهي عن التمكين لدينين أن يجتمعا في جزيرة العرب، وليس المقصود به نفيه، ولا نفي وجوده عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ كيف يمكن حمله على النفي وقد كان هناك أديان – لا دينان فقط – عند موت النبي صلى الله عليه وسلم وحتى في صدر الخلافة الراشدة في جزيرة العرب.