لعل أول شرك في هذا الجانب هو شرك عبد الله بن سبأ (?) اليهودي حيث أشرك بالله جل شأنه في الربوبية بالأنداد في الذات. حيث غلا في علي – رضي الله عنه – حتى زعم أنه إله (?)، كما أنه هو الرائد في الإشراك بالله في الربوبية بالأنداد في الصفات والأفعال؛ حيث زعم: أن علياً له الحياة الدائمة المطلقة، وله العلم المحيط بكل شيء، وله القدرة الكاملة الشاملة على كل شيء، وأنه هو الذي يقوم بمحاسبة الناس يوم القيامة، ويأتي بالأمطار، وسينتقم من أعدائه (?)، وغير هذه الاعتقادات الباطلة التي فيها شرك في الربوبية بالأنداد في الصفات والأفعال.
وبهذا نستطيع أن نقول: إن بداية ظهور شرك الربوبية بالأنداد في الذات إنما كان من عبد الله بن سبأ اليهودي، وتبعه أغلب الروافض الغلاة (?)، والإسماعيلية، والعبيدية، والقرامطة، والنصيرية، والدروز، وغيرهم.
وأما الشرك في الربوبية بالأنداد في الصفات والأفعال فقد كان السبق فيه أيضاً لابن سبأ اليهودي، وقد سبق بيانه، ويشترك كل من أشرك بالله في الربوبية بالأنداد في الذات في الشرك بالله بالأنداد في الصفات والأفعال؛ لأن كل من أثبت إلهاً من دون الله أعطى له من صفات الربوبية وأفعاله ما شاء وما أراد (?). ووقع في هذا النوع من الشرك كثير ممن لا يشرك بالله في ربوبيته في الأنداد في الذات، كالإمامية من الشيعة، والغلاة من المتصوفة في النبي صلى الله عليه وسلم، وفي بعض مشايخ التصوف وأساطينهم.
أما الرافضة فأصل البلاء عندهم في شرك الأنداد في الصفات والأفعال هو اتباعهم لابن سبأ اليهودي الزنديق الذي أراد أن يغير الدين الإسلامي الحنيف إلى دين اليهود والنصارى، فأحدثوا لهم أقوالاً من هذا النمط. وسيأتي تفصيل هذه المقولات فيما بعد إن شاء الله.
وأما الباطنية فهؤلاء تآمروا على هدم الدين من أساسه، فادعوا الند والشريك بالسابق، وله قرين، سموه بالتالي وهو الذي خلق السموات والأرضين وما فيهن.
أما السبب في انتشار شرك الأنداد بين المتصوفة فهو: أنه قد ظهر أناس من المسلمين بمظهر التقشف، وكان أخطر هؤلاء الأعداء على الدهماء وأبعدهم غوراً في الإغواء: أناس ظهروا بأزياء الصالحين؛ بعيون دامعة كحيلة، ولحى مسرحة طويلة، وعمائم كالأبراج، وأكمام كالأخراج، يحملون سبحات طويلة كبيرة الحبات، يتظاهرون بمظهر الدعوة إلى سنة سيد السادات, مع انطوائهم على مخاز ورثوها عن الأديان الباطلة, والنحل الآفلة، وكان من مكرهم الماكر أن خلطوا الكذب المباشر بالتزيد في تفسير مأثور، أو في فهم حديث صحيح، أو تأويله على مقتضى هواهم، أو الاستدلال بحديث مكذوب سواء كان قصداً أو بغير قصد.