4 - أن المراد بالنفس الواحدة آدم، وزوجها المجعول منها حواء، والذي طلبه آدم وحواء من الله صالحاً هو النسل السوي بصنفيه الذكور والإناث، ولكن أولاده جعلوا لله شركاء من الأصنام والأوثان فيما أتاهم، فتعالى الله عن إشراك المشركين من هذا النسل.
فقوله: فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جنس الولد الصالح في تمام الخلق بدناً وقوة، وعقلاً، فكثروا صفة للولد وهو الجنس، فيشمل الذكر والأنثى والقليل والكثير، فكأنه قيل: (فلما أتاهما أولاداً صالحي الخلقة من الذكور والإناث جعل النوعان (له شركاء) بعضهم أصناماً، وبعضهم ناراً، وبعضهم شمساً، وبعضهم غير ذلك (?).
والمقصود: أنه لم يثبت أن آدم عليه السلام وقع في الشرك، بل الصحيح الثابت ما سبق أن ذكرناه أن أول شرك وقع في بني آدم هو في قوم نوح.
قال شيخ الإسلام: (إن الناس كانوا بعد آدم عليه السلام، وقبل نوح عليه السلام على التوحيد والإخلاص، كما كان عليه أبوهم آدم أبو البشر عليه السلام حتى ابتدعوا الشرك وعبادة الأوثان، بدعة من تلقاء أنفسهم، لم ينزل الله بها كتاباً ولا أرسل بها رسولاً، بشبهات زينها الشيطان من جهة المقاييس الفاسدة, والفلسفة الحائدة؛ قوم منهم زعموا: أن التماثيل طلاسم الكواكب السماوية, والدرجات الفلكية, والأرواح العلوية.
وقوم اتخذوها على صورة من كان فيهم من الأنبياء والصالحين.
وقوم جعلوها لأجل الأرواح السفلية من الجن والشياطين.
وقوم على مذاهب آخر.
وأكثرهم لرؤسائهم مقلدون، وعن سبيل الهدى ناكبون، فابتعث الله نبيه نوحاً عليه السلام، يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وينهاهم عن عبادة ما سواه، وإن زعموا أنهم يعبدونهم ليقربوهم إلى الله زلفى ويتخذوهم شفعاء) (?). الشرك في القديم والحديث لأبي بكر محمد زكريا– 1/ 176