وعن السدي قال: ( ... فذلك حين يقول الله: جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا يعني في التسمية) (?). وأيضاً يدل عليه قراءة من قرأ: جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء بمعنى الشركة يعني بالاسم (?)، وحتى يتفادى أصحاب هذا القول الاعتراض عليهم بأن قوله تعالى: فَتَعَالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ يفيد أن الذين أتوا بالشرك جماعة؛ إذ لو كان آدم وحواء لقال: فتعالى الله عما يشركان. فقد ذهبوا إلى أن في الآيتين قصتين: قصة آدم وحواء، والخبر قد انقضى عند قوله: جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا.
وقصة مشركي العرب، والخبر عنها في قوله: فَتَعَالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ، والمعنى فتعالى الله عما يشرك به مشركو العرب من عبدة الأوثان (?)، واستأنسوا في ذلك بما روي من آثار، منها: ما روي عن السدي في قوله تعالى: فَتَعَالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ، يقول: هذه فصل من آية آدم خاصة في آلهة العرب (?).
ويروى عنه أيضاً أنه قال: (هذا من الموصول والمفصول، قوله: جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا في شأن آدم وحواء، ثم قال الله تبارك وتعالى: فَتَعَالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ قال: عما يشرك المشركون، ولم يعنهما) (?). وقد رواه ابن أبي حاتم أيضاً في تفسيره (?).
وأجابوا عما يقال: إن آدم وحواء إنما سميا ابنهما عبد الحارث والحارث واحد، وقوله شُرَكَاء جماعة، فكيف وصفهما جل ثناؤه بأنهما جعلا له شركاء، وإنما أشركا واحداً؟ قالوا في الجواب عن هذا السؤال: إن العرب تخرج الخبر الواحد مخرج الخبر عن الجماعة إذا لم تقصد واحداً بعينه ولم تسمه، كقوله تعالى: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ [آل عمران:173] وإنما كان القائل واحداً، فأخرج الخبر مخرج الخبر عن الجماعة؛ إذ لم يقصد قصده، وذلك مستفيض في كلام العرب وأشعارها (?).
وممن استحسن هذا القول ودافع عنه، ورأى صحة الحديث الألوسي الذي قال: (لا يعد هذا شركاً في الحقيقة؛ لأن أسماء الأعلام لا تفيد مفهوماتها اللغوية، لكن أطلق عليها الشرك تغليظاً) (?).
كما يفهم من سياق كلام شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب أنه يرجح هذا التفسير؛ حيث أتى به في تفسير قوله تعالى: فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلاَ لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ، مستدلاً به على منع التعبيد لغير الله (?).