€1296¢محرم¤1879¥
تولى خير الدين التونسي منصب رئاسة الوزراء في الدولة العثمانية. ولد في القفقاس لعائلة تليش الأباظية الشركسية حوالي عام 1820م. واختطف وهو طفل صغير وأحضر إلى تركيا ومنها إلى تونس حيث تعهده واليها الداي أحمد وهيأ له فرص الاستزادة من العلوم فأكب على دراسة الفنون العسكرية والسياسية والتاريخ والعلوم الشرعية وأتقن اللغات العربية والتركية والفرنسية. أصبح رئيسا لمكتب العلوم الحربية بباردو عام 1840م ثم أصبح رئيسا لفرقة الفرسان في الجيش التونسي. وعين مديرا لمصرف الدراهم التونسي. وفي عام 1849م رقي إلى رتبة ومنصب أمير لواء الخيالة في تونس عام 1849م. وفي عام 1855م أنعم عليه الباي المشير محمد باشا برتبة الفريق لإنقاذه تونس من قرض مالي ثقيل كاد الباي السابق أن يندفع إليه. ثم عينه وزيرا للبحرية عام 1875 م حيث أجرى عدة إصلاحات إدارية. وساهم في صياغة وإصدار قانون (عهد الأمان) التونسي عام 1857م. وشارك في وضع الدستور التونسي عام 1860 م. وعند إنشاء مجلس الشورى التونسي المنتخب كان خير الدين باشا الرئيس الفعلي للمجلس من عام 1861 م. اصطدم مع سياسة الباي الجديد محمد الصادق فقدم استقالته من الوزارة ومن رئاسة مجلس الشورى عام 1862م وفرض على نفسه العزلة السياسية لمدة تسع سنوات بين عامي 1862م و1869م. وكان من نتائج عزلته تلك تأليفه الكتاب الشهير الذي أسماه ((أقوم المسالك في معرفة أحوال الممالك)) والذي تم طبعه في تونس عام 1867 م. بعد ذلك شارك مندوبا عن تونس في اللجنة المالية المختلطة المشكلة لتحصيل ديون الدول الأوروبية من تونس فاستطاع الحد من نفوذ اللجنة. وتدخلها في شؤون الدولة. وفي أكتوبر 1873م عين وزيرا أكبر لتونس (أي رئيسا للوزراء) فسنحت له فرصة تحقيق برامجه الإصلاحية التي طرحها في كتابه (أقوم المسالك) واستطاع نقل تونس من حالة الكرب والضيق والفوضى إلى حالة من الأمن والرخاء والنظام. وتصدى بحزم للمطامع الأجنبية في بلاده وخاصة المطامح الفرنسية والإيطالية المتنافسة. ولكنه فوجئ بمعاتبة الباي له وغضبه من سياسته في التحمس لإعانة الخلافة العثمانية في حربها ضد روسيا فقدم استقالته من رئاسة الوزارة في يوليو1877م. وبعد استقالته ضيق عليه الباي الخناق ومنعه من الاتصال بالناس فكان معتقلا في منزله. وقد سافر للعلاج ثم عاد إلى تونس وظل شبه معتقل حتى استدعاه السلطان العثماني عبدالحميد الثاني فسافر إلى الأستانة في رمضان 1877 م حيث استقبله السلطان وعينه وزير دولة بعد رفضه منصب وزير العدل. ولكنه فوجئ في صباح يوم 4 ديسمبر 1818م بتعيينه رئيسا لوزراء الدولة العثمانية. وكانت الدولة العثمانية وقتها في ضيق وحرج كبير فالجيش الروسي يقف على عتبات العاصمة استانبول، والأسطول البريطاني في مضيق البوسفور، والاقتصاد متدهور، وهناك المشكلة الأرمينية ومشاكل في قبرص والبوسنة. فسارع خير الدين باشا إلى عقد اتفاق مع الروس يضمن مصالح المسلمين في بلغاريا وروملي الشرقية كما انسحب الأسطول البريطاني وسوى الخلافات مع النمسا وحلت مشكلة الأرمن واستبدل الخديوي إسماعيل بابنه توفيق في مصر. وقد اختلف كثيرا مع السلطان عبدالحميد الثاني ورجال حاشيته إبان توليه رئاسة الورزاء، فكان أن عُزل من منصبه في شعبان 1296 هـ (1879 م) وعاش بعدها بعيدا عن السياسة حتى توفي بعد عشر سنوات في الأستانة عام 1889 م ودفن في جامع أيوب إلا أن الحكومة التونسية بادرت في عام 1968 م إلى نقل رفاته ودفنه في تونس تقديرا لخدماته. وقد أطلق عليه الشعب التونسي لقب ((أبو النهضة التونسية)).
£