الرموز، ورأيتها قدحاً في العربية، وتشويهاً يلحقها" (?) .

ثم كانت محنة ثانية في ذلك "الرمز" الذي استحدثته قضايا الشعر الحر، وما أثاره هذا الكلام المخمور المتهالك من إسقاطات وإحباطات وهذر، حول هموم العصر وعذابات الإنسان، كما يقولون.

ولقد كان يكون الخطب هينا لو أن هذا الهراء ظل في مجثمه في مجالس أحلاس المقاهي ممن ينتسبون إلى الأدب، ولكنه انتقل إلى الدرس الجامعي - كما ذكرت - افتتن به بعض معلمي الأدب افتنانا عجيباً، وصبوه صباً في أدمغة هؤلاء الشباب الأغرار، ممن ابتلوا بالجلوس إليهم، والأخذ عنهم، ولا سبيل أمام الطالب الذي يريد أن يحصل على شهادته الجامعية إلا التلقي والإذعان.

والآن، وبعد انقضاء نحو عشرين عاماً على تخرجي في كلية دار العلوم، أبحث في حنايا نفسي وعقلي، عن أثاره من هذه اللغو الذي أخذ علينا، في مطالع أيامنا، الطرق والمنافذ، فلا أجد شيئاً ألبته، وقد يكون هذا لأني عرفت سبيلي - بفضل من الله وعون - إلى أدب أهلي وعشريتي، ولكني التمست ذلك أيضاً عند نفر من رفقاء دربي في تلك الأيام، فلم أجد عندهم شيئا، وقد جمعني مع أحد منهم لقاء، وكان قد وقع في أسر الفئة الباغية، الذين خدعوه عن تراثه، وأفسدوا ذوقه، فسألته عن " إليوت والأرض الخراب، والرجال الجوف" وكان شديد اللهج به وبهما، فقال: لم يعد معي من ذلك شيء، ثم أن أنة حسرى، وقال ولم يملك سوابق عبرة: "حسبنا الله ونعم الوكيل".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015