وكان- صلى الله عليه وسلم- بعيد ما بين المنكبين (?) رواه البخارى. أى عريض الصدر، ووقع عند ابن سعد من حديث أبى هريرة: رحب الصدر.
وأما قلبه الشريف- صلى الله عليه وسلم-، فاعلم أن القلب مضغة فى الفؤاد معلقة بالنياط، فهو أخص من الفؤاد. قاله الواحدى، وسمى به لتقلبه بالخواطر والعزوم، قال الشاعر:
وما سمى الإنسان إلا لنسيه ... ولا القلب إلا أنه يتقلب
وقال الزمخشرى: مشتق من التقلب الذى هو المصدر لفرط تقلبه، ألا ترى إلى ما روى أبو موسى الأشعرى عن النبى- صلى الله عليه وسلم-: ومثل هذا القلب كمثل ريشة ملقاة بفلاة يقلبها الريح بطنا لظهر. قال: والفرق بينه وبين الفؤاد، أن الفؤاد وسط القلب، سمى به لتفؤده، أى توقده. وفسر الجوهرى القلب بالفؤاد ثم فسر الفؤاد بالقلب. قال الزركشى: والأحسن قول غيره:
الفؤاد غشاء القلب، والقلب حبته وسويداؤه، ويؤيد الفرق قوله- صلى الله عليه وسلم-:
«ألين قلوبا وأرق أفئدة» ، وهو أولى من قول بعضهم: إنه كرر لاختلاف اللفظ.
وقال الراغب: يعبر بالقلب عن المعانى التى تختص به كالعلم والشجاعة. وقيل: حيثما ذكر الله القلب فإشارة إلى العقل والعلم، كقوله تعالى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ (?) ، وحيثما ذكر الصدر فإشارة إلى ذلك وإلى سائر القوى من الشهوة والغضب ونحوهما. انتهى.
قال بعض العلماء: وقد خلق الله تعالى الإنسان، وجعل له قلبا يعقل عنه، وهو أصل وجوده، إذا صلح قلبه صلح سائره، وإذا فسد قلبه فسد سائره، وجعل سبحانه القلوب محل السر والإخلاص، الذى هو سر الله