ودخلت عليه عميرة بنت مسعود هى وأخواتها يبايعنه وهن خمس فوجدنه يأكل قديدا فمضغ لهن قديدة فمضغتها كل واحدة منهن قطعة قطعة فلقين الله وما وجدن لأفواههن خلوف (?) ، رواه الطبرانى.
ومسح- صلى الله عليه وسلم- بيده الشريفة بعد أن نفث فيها من ريقه على ظهر عتبة وبطنه وكان به شرى، فما كان يشم أطيب منه رائحة. رواه الطبرانى. وأعطى الحسن لسانه- وكان قد اشتد ظمؤه- فمصه حتى روى. رواه ابن عساكر.
ولله در إمام العارفين سيدى محمد وفا الشاذلى حيث يقول:
جنى النحل فى فيه وفيه حياتنا ... ولكنه من لى بلثم لثامه
رحيق الثنايا والمثانى تنفست ... إذا قال فى فيح بطيب ختامه
وأما فصاحة لسانه وجوامع كلمه، وبديع بيانه وحكمه، فكان- صلى الله عليه وسلم- أفصح خلق الله، وأعذبهم كلاما، وأسرعهم أداء، وأحلاهم منطقا، حتى كان كلامه يأخذ بمجامع القلوب ويسلب الأرواح.
ينظم در الثغر نثر مقوله ... ما حسنه فى نثره ونظامه
يناجى فينجى من يناجى من الجوى ... فكل كليم برؤه فى كلامه
ففصاحة لسانه- صلى الله عليه وسلم- غاية لا يدرك مداها، ومنزلة لا يدانى منتهاها، وكيف لا يكون ذلك وقد جعل الله تعالى لسانه سيفا من سيوفه، يبين عن مراده، ويدعو به إليه عباده، فهو ينطق بحكمه عن أمره، ويبين عن مراده بحقيقة ذكره.
أفصح خلق الله إذا لفظ، وأنصحهم إذا وعظ، لا يقول هجرا، ولا ينطق هذرا، كلامه كله يثمر علما، ويمتثل شرعا وحكما، لا يتفوه بشر بكلام أحكم منه فى مقالته، ولا أجزل منه فى عذوبته.
وخليق بمن عبر عن مراد الله بلسانه، وأقام به الحجة على عباده ببيانه،