قال الطيبى: شبه جريان الشمس فى فلكها بجريان الحسن فى وجهه- صلى الله عليه وسلم-، قال: ويحتمل أن يكون من تناهى التشبيه جعل وجهه مقرّا ومكانا للشمس ولله در القائل:

لم لا يضىء بك الوجود وليله ... فيه صباح من جمالك مسفر

فبشمس حسنك كل يوم مشرق ... وببدر وجهك كل ليل مقمر

وفى البخارى: سئل البراء: أكان وجه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مثل السيف؟

فقال: لا، بل مثل القمر (?) .

وكأن السائل أراد مثل السيف فى الطول، فرد عليه البراء فقال: بل مثل القمر، أى فى التدوير، ويحتمل أن يكون أراد مثل السيف فى اللمعان والصقالة، فقال: بل فوق ذلك، وعدل إلى القمر لجمعه الصفتين من التدوير واللمعان.

وقال الحافظ النسابة أبو الخطاب بن دحية- رحمه الله تعالى- فى كتابه «التنوير فى مولد البشير النذير- صلى الله عليه وسلم- وشرف وعظم وكرم» ، عند إيراد حديث البراء المذكور ما لفظه: ففى هذا الحديث من العلم أن التشبيه ممن لا يحسنه لا يصلح الإقرار عليه، لأن السائل شبه وجه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بالسيف، ولو شبهه بالشمس لكان أولى، فرد عليه البراء قوله وقال: بل مثل القمر، وأبدع فى تشبيهه، لأن القمر يملأ الأرض بنوره، ويؤنس كل من يشاهده، ونوره من غير حر يفزع، ولا كلل ينزع، والناظر إلى القمر متمكن من النظر بخلاف الشمس التى تغشى البصر وتجلب للناظر الضرر. انتهى.

وفى رواية مسلم من حديث جابر بن سمرة، وقال له رجل: أكان وجه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مثل السيف؟ فقال: لا، بل مثل الشمس والقمر وكان مستديرا (?) .

وإنما قال: مستديرا للتنبيه على أنه جمع الصفتين، لأن قوله: مثل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015