فقال- صلى الله عليه وسلم-: «حكماء علماء، كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء» ، ثم قال: «وأنا أزيدكم خمسا فتتم لكم عشرون خصلة، إن كنتم كما تقولون، فلا تجمعوا ما لا تأكلون، ولا تبنوا ما لا تسكنون، ولا تنافسوا فى شىء أنتم عنه غدا زائلون، واتقوا الله الذى إليه ترجعون وعليه تعرضون، وارغبوا فيما عليه تقدمون، وفيه تخالدون» . فانصرفوا وقد حافظوا وصيته- صلى الله عليه وسلم- وعملوا بها (?) .
وقدم عليه- صلى الله عليه وسلم- وفد بنى المنتفق. روى عبد الله، ابن الإمام أحمد فى مسند أبيه عن دلهم بن الأسود عن عاصم بن لقيط، أن لقيط بن عامر بن صبرة بن عبد الله بن المنتفق بن عامر بن عقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، أبا رزين العقيلى، المعدود فى أهل الطائف، خرج وافدا إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ومعه صاحب له يقال له نهيك بن عاصم بن مالك بن المنتفق، فوافيناه- صلى الله عليه وسلم- حين انصرف من صلاة الغداة، فقام فى الناس خطيبا فقال:
«يا أيها الناس، ألا إنى قد خبأت لكم صوتى منذ أربعة أيام لتسمعوا اليوم، ألا فهل من امرىء بعثه قومه» فقالوا له اعلم لنا ما يقول رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، ألا ثم لعله يلهيه حديث نفسه أو حديث صاحبه، ألا وإنى مسئول هل بلغت، ألا اسمعوا تعيشوا ... الحديث. وفيه ذكر البعث والنشور والجنة والنار، وفيه: ثم قلت: يا رسول الله، علام أبايعك؟ فبسط- صلى الله عليه وسلم- يده وقال: «على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وألاتشرك بالله شيئا» (?) .
وقدم عليه- صلى الله عليه وسلم- وفد النخع (?) ، وهم آخر الوفود قدوما عليه. وكان قدومهم فى نصف المحرم سنة إحدى عشرة، فى مائتى رجل، فنزلوا دار الأضياف، ثم جاؤا إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مقرين بالإسلام، وقد كانوا بايعوا معاذ بن جبل.